باب فى المن على الأسير بغير فداء

باب فى المن على الأسير بغير فداء

حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد قال أخبرنا ثابت عن أنس أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على النبى -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم فأخذهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلما فأعتقهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله عز وجل (وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة) إلى آخر الآية.

خرج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم من المدينة إلى مكة يريدون العمرة، وذلك في سنة ست من الهجرة، فمنعتهم قريش دخول مكة، حتى أوشكت الحرب أن تحدث بينهم، فوقع بينهم الصلح، وهو الذي سمي بصلح الحديبية
وفي هذا الحديث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن ثمانين رجلا من أهل مكة، من كفارهم، نزلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، وذلك بعد عقد الصلح بين المسلمين وقريش، ونزلوا من جبل التنعيم، وهو موضع على ثلاثة أو أربعة أميال (يعني ما يقارب من 5 إلى 6 كيلومترات) من مكة، وكان هؤلاء الرجال «متسلحين» لابسين السلاح من الدروع وغيرها، وكانوا يريدون «غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه»، أي: غفلتهم؛ يريدون أن يصادفوا منه ومن أصحابه غفلة عن التأهب لهم؛ ليتمكنوا من الغدر والفتك بهم، ولمحاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذهم النبي صلى الله عليه وسلم «سلما» أسرهم دون قتال، وعجزوا عن دفعهم والنجاة منهم فرضوا بالأسر كأنهم قد صولحوا على ذلك، «فاستحياهم» أي: استبقاهم وتركهم أحياء ولم يقتلهم صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} [الفتح: 24] أي: أنه لما كانت سلامة المسلمين من أولئك ومجازاتهم بالكف عنهم بعدما أرادوا الغرة والفتك بهم، من الأمور العظام، ولولا أن الله تعالى ألقى في قلوب المؤمنين الرأفة والرحمة بهم، وأن الله تعالى قهرهم وذبهم عن المؤمنين؛ لم تحصل السلامة
وفي الحديث: سبب نزول قوله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} من سورة الفتح
وفيه: ما يدل على أنه لا يؤتمن إلى المشركين في وقت معاهدتهم كل الأمن