باب فى الوقوف على الدابة
حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا ابن عياش عن يحيى بن أبى عمرو السيبانى عن ابن أبى مريم عن أبى هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم ».
يَأمُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالرِّفقِ بالحيوانِ، وخاصَّةً ما يُستَعمَلُ للرُّكوبِ؛ يَقولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إيَّاكم"، أي: يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ويَنهى، "أن تتَّخِذوا ظُهورَ دَوابِّكم مَنابِرَ"، أي: لِلجُلوسِ عليها عِندَ الخُطبَةِ، وقيل: المرادُ الوقوفُ على ظُهورِها؛ أوِ المعنى: لا تتَّخِذوها كالمنابرِ تَجلِسون عليها وتتحدَّثون فيما بينَكم؛ "فإنَّ اللهَ إنَّما سخَّرَها لكم لِتُبلِّغَكم إلى بلَدٍ لم تَكُونوا بالِغِيه إلَّا بشِقِّ الأنفُسِ"، أي: وذلك لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ جعَل وظيفتَها حَمْلَ النَّاسِ في السَّفَرِ الَّذي يَصعُبُ عليهم بُلوغُه إلَّا بعدَ تعَبٍ وشِدَّةٍ، "وجعَل لكُم الأرضَ"، أي: وسخَّر لكُم الأرضَ مِن أجلِ أن تَنتفِعوا بها وهي حامِلَتُكم في كلِّ الأحوالِ؛ في الخُطَبِ، وعندَ الحديثِ، وغيرِها؛ "فعَلَيها فاقضُوا حاجتَكم"، أي: فافعَلوا على ظهرِ الأرضِ ما تَشاؤون، وتكونُ عليها مَنابِرُكم ومَجالِسُكم وخُطَبُكم
ويُحمَلُ هذا النَّهيُ عنِ التَّحدُّثِ على الدَّوابِّ إذا جعَله المرءُ له عادةً أو لغيرِ حاجةٍ، فيُتعِبُ الدَّابَّةَ دونَ داعٍ، وذلك لأنَّه ثبَت أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خطَب على ناقتِه، وحدَّث أصحابَه وهو راكبٌ عليها في أسفارِه