باب فى تضمين العارية
حدثنا إبراهيم بن المستمر العصفرى حدثنا حبان بن هلال حدثنا همام عن قتادة عن عطاء بن أبى رباح عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال قال لى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إذا أتتك رسلى فأعطهم ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا ». قال فقلت يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة قال « بل مؤداة ». قال أبو داود حبان خال هلال الرأى.
حضر صفوان بن أمية مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا وكان حينذاك كافرا، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان أدراعا يوم حنين، أي: طلب منه دروعا، وهي من أدوات الحرب التي تقي المحارب الضربات
فقال صفوان بن أمية للنبي صلى الله عليه وسلم لما طلب منه ذلك: "أغصب يا محمد؟" أي: هل تأخذها بالقوة والإرغام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، بل عارية مضمونة"، أي: نضمنها فنردها بعد الحرب، وإن تلفت نضمن قيمتها، وبينت الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، وكانت بعد فتح مكة، فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان، ففقد منها أدراع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنا قد فقدنا من أدراعك أدراعا فهل نغرم لك؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في إحدى الروايات: (عارية مؤداة)، أي: عارية مؤداة بعينها إذا وجدت ولم يفسد منها شيء، أما إذا هلكت وتلفت فـ(عارية مضمونة)، أي: مضمونة قيمتها؛ لأنها هلكت وتلفت، ومن أتلف شيئا فعليه قيمته، وذكر له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه كان جاهلا بحكم الإسلام، فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن من أحكام الإسلام: أن العارية مؤداة بعينها عند وجودها، ومضمونة قيمتها لصاحبها؛ حتى يثق بردها عليه، فقال صفوان: لا يا رسول الله؛ لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ، أي: إن ما في قلبه بعد الإسلام يختلف عما كان في قلبه قبل الإسلام؛ وكان صفوان أعار النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم، ثم أسلم؛ ولذا قال للنبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام: أغصبا؟ أما بعد الإسلام فلم يرد بها لا مؤداة ولا مضمونة، وهكذا الإسلام إذا خالطت بشاشته القلوب