باب فى تعظيم الزنا

باب فى تعظيم الزنا

 حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا معتمر عن أبيه (ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) قال قال سعيد بن أبى الحسن غفور لهن المكرهات.

هدم الإسلام ما كان عند العرب من أمور الجاهلية التي تنشر الرذيلة في المجتمع، ومن هذه الأمور التي حاربها الإسلام: فاحشة الزنا، وأغلق ونهى عن كل الطرق التي تؤدي إليه
وفي هذا الحديث يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين كان يقول لجارية -وهي الأمة المملوكة- له: «اذهبي فابغينا شيئا»، من البغي، وهو الزنا، أي: إنه كان يأمرها أن تزني وتأخذ أجرا؛ لينتفع هو بهذا المال، وفي رواية أخرى عند مسلم أنهما اثنتان، يقال لإحداهما: مسيكة، وللأخرى: أميمة
وكان هذا الأمر منتشرا في الجاهلية انتشارا بالغا، فأنكر الله عليهم هذا الأمر وأنزل قوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} [النور: 33]، والمعنى: لا تكرهوا أيها السادة الإماء المملوكات والجواري اللاتي تحت أيديكم على الزنا إن أردن العفاف والطهر، وإنما ذكر الله سبحانه إرادة التحصن من المرأة؛ لأن الإكراه لا يكون إلا مع إرادة التحصن والعفاف؛ لأن المطيعة لا تسمى مكرهة، وقد واقفت رغبة سيدها، فالآية تختص بالمكرهة، لا أن الزنا يجوز في حق من رضيت به؛ فإن الزنا محرم في جميع أحواله ومن أكبر الكبائر
وقوله: {لتبتغوا عرض الحياة الدنيا}، أي: إن هذا الإكراه يكون الدافع له هو طلب أمر من أمور الدنيا من مال أو ولد أو غير ذلك، {ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}، أي: للمكرهات؛ لكونهن مكرهات، والمغفرة ليست لمن أكرههن، بل وزر ما كان من ذلك يقع على السادة الآمرين والمجبرين لهن
وفي الحديث: حفظ الإسلام لكرامة المرأة حرة كانت أو مملوكة
وفيه: النهي عن الإكراه على الزنا
وفيه: بيان تحريم الزنا على جميع الناس حرهم وعبدهم
وفيه: بيان أن الإكراه بالزنا يسقط الحد والإثم، وإنما يتحمل الإثم المكره
وفيه: بيان ما كان عليه عبد الله بن أبي من النفاق، وحبه للفجور؛ حيث كان يكره المسلمة العفيفة عليه، وهذا من جرأته!