باب فى ليلة القدر
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير أخبرنا محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن إبراهيم عن ابن عبد الله بن أنيس الجهنى عن أبيه قال قلت يا رسول الله إن لى بادية أكون فيها وأنا أصلى فيها بحمد الله فمرنى بليلة أنزلها إلى هذا المسجد. فقال « انزل ليلة ثلاث وعشرين ». فقلت لابنه كيف كان أبوك يصنع قال كان يدخل المسجد إذا صلى العصر فلا يخرج منه لحاجة حتى يصلى الصبح فإذا صلى الصبح وجد دابته على باب المسجد فجلس عليها فلحق بباديته.
ليلة القدر فضلها عظيم جدا؛ فهي خير من ألف شهر، وهي ليلة مباركة من ليالي رمضان؛ وسميت "ليلة القدر"؛ لعظيم قدرها وشرفها، وقيل: لأن للطاعات فيها قدرا، وقيل غير ذلك، وينبغي الاجتهاد في التماسها في الليالي، والإكثار فيها من العبادة؛ لنيل هذا الأجر العظيم، وقد حرص عليها الصحابة رضي الله عنهم
وفي هذا الحديث أن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: "يا رسول الله، إن لي بادية أكون فيها"، أي: لي خيمة أو دار في البادية أعيش فيها، والمراد: أنه بعيد الدار، ولا يستطيع الإتيان لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة، "وأنا أصلي فيها بحمد الله"، ولكنه أراد أن يدرك فضل ليلة القدر، "فقال: فمرني بليلة"، يعني: في شهر رمضان، "أنزلها إلى هذا المسجد"، أي: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، "فقال: انزل ليلة ثلاث وعشرين"، فقال محمد بن إبراهيم؛ أحد رواة الحديث لابن عبد الله بن أنيس: "كيف كان أبوك يصنع؟" أي: كيف كان ينزل في تلك الليلة؟ "قال: كان يدخل المسجد إذا صلى العصر"، أي: يوم الثاني والعشرين من رمضان، "فلا يخرج منه لحاجة"، أي: غير ضرورية، "حتى يصلي الصبح"؛ وذلك لاغتنام أكبر قدر ممكن من الثواب في هذه الليلة، "فإذا صلى الصبح وجد دابته على باب المسجد، فجلس عليها فلحق بباديته"
وفي هذا الحديث: أن ليلة القدر هي ليلة ثلاث وعشرين من رمضان، وقد وردت روايات متعددة في تحديد وقت ليلة القدر، وللعلماء كلام طويل في الجمع أو الترجيح بين هذه الروايات، ومن ذلك: أن ليلة القدر تنتقل كل سنة في العشر الأواخر من رمضان