باب في التوقيت في تقليم الأظفار وأخذ الشارب2
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك، قال: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قص الشارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط، لا يترك أكثر من أربعين يوما» هذا أصح من الحديث الأول، وصدقة بن موسى ليس عندهم بالحافظ "
جمَعَت شَريعةُ الإسلامِ من كلِّ شَيءٍ أحسَنَه، وهي مُوافِقةٌ في تَشريعاتِها كُلِّها للفِطرةِ النَّقيَّةِ الطَّاهِرةِ مِن كُلِّ خُبثٍ، ومِن ذلك سُننُ الفِطرةِ التي تَعتَني بنَظافةِ الإنسانِ باطِنًا وظاهِرًا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -كما في روايةِ أبي داودَ والنَّسائيِّ- حَدَّدَ لأصحابِه رَضيَ اللهُ عنهم -وللمُسلِمينَ عامَّةً- مُدَّةً زَمنيَّةً في أربعةِ أشياءَ ألَّا يَزيدَ تَركُها عن أربعينَ يومًا؛ الأوَّلُ: قَصُّ الشَّارِبِ، بأخذِ بعضِ الشَّعرِ النَّابتِ على الشَّفَةِ العُليا، وقد ورَدَت رِواياتٌ أُخرى فيها الأمرُ بحَفِّه وجَزِّه كذلك، والمَعنى واحِدٌ، ومنها: حَديثُ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما في الصَّحيحَينِ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: «خَالِفوا المُشرِكينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وأحفُوا الشَّوارِبَ».
والثَّاني: تَقليمُ الأظفارِ، بإزالةِ ما طالَ منها عنِ اللَّحمِ بِمِقَصٍّ أو غيرِ ذلك؛ وذلك لأنَّ الوَسَخَ يَجتمعُ تحتَها فيُستقذَرُ، وقد يَنتهي إلى حدٍّ يَمنعُ وُصولَ الماءِ إلى ما يَجِبُ غَسلُه في الطَّهارةِ، والثَّالِثُ: نَتفُ الإبطِ، بإزالةِ الشَّعرِ الَّذي يَنبُتُ به، و"الإبطُ": المَوضِعُ الَّذي يَكونُ أسفَلَ مَفصِلِ الذِّراعِ بالكَتِفِ، وإزالةُ هذا الشَّعرِ مُهِمٌّ؛ لأنَّه يُنتِنُ إذا بَقيَ وطالَ مع العَرَقِ وحَرارةِ الجَسدِ والجوِّ، والأفضَلُ فيه النَّتفُ لمَن قَويَ عليه، ويَحصُلُ أصلُ السُّنَّةِ بإزالتِه بأيِّ وَسيلةٍ كانت، كالحَلقِ وغَيرِه، والرَّابِعُ: حَلقُ العانةِ، بإزالةِ الشَّعرِ الَّذي يَنبُتُ بها، و"العانةُ": مَنبَتُ الشَّعرِ الَّذي يكونُ حَولَ الفَرجِ.
ومُدَّةُ الأربعينَ هو المُدَّةُ القُصوى التي لا يَتعدَّاها المُسلِمُ دُونَ حَلقٍ أو قَصٍّ، فإن أزالَ قَبلَها فهو أَولى وأحسَنُ.
وفي فِعلِ هذه الخِصالِ والالْتِزامِ بها تَنظيفٌ للجَسَدِ، وحِفظٌ له مِنَ التَّقذُّرِ والتَّدنُّسِ، مع الحِفاظِ على جَمالِ المَظهَرِ الخارِجيِّ؛ فيَجمَعُ المُسلِمُ بينَ النَّظافةِ والطَّهارةِ الدَّاخِليةِ والخارِجيَّةِ.