‌‌باب ما يقال بعد الوضوء

‌‌باب ما يقال بعد الوضوء

عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء "، وفي الباب عن أنس، وعقبة بن عامر، حديث عمر قد خولف زيد بن حباب في هذا الحديث، وروى عبد الله بن صالح، وغيره، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة بن عامر، عن عمر، وعن ربيعة، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر، وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء، قال محمد: «وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئا

إسباغُ الوُضوءِ وإحسانُه والذِّكر بَعدَه له فضلٌ كبيرٌ، ومِن ذلِك ما جاء في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن توضَّأَ فأحسَن الوُضوءَ"، أي: أسبَغَه وأتقنَه بأن فعَل فرائِضَه وسُننَه، وأعطَى كلَّ عضوٍ حقَّه، "ثمَّ قال" بعدَ الانتِهاءِ مِن الوُضوءِ والفَراغِ منه: "أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ"، أي: أعلَمُ وأعتقِدُ أنَّه لا معبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، "وحدَه"، أي: مُنفرِدٌ بالألوهيَّةِ، "لا شَريكَ له" في الذَّاتِ ولا الأسماءِ والصِّفاتِ ولا في الأفعالِ، "وأشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه"، أي: أصدِّقُ بأنَّ محمَّدًا عبدٌ مِن عبادِ اللهِ، وأنَّه رسولُه الَّذي يوحَى إليه ويبلِّغُ رسالةَ اللهِ للنَّاسِ، "ثمَّ قال: اللَّهمَّ اجعَلْني مِن التَّوَّابين" عن المعاصي، "واجعَلْني مِن المُتطهِّرين"، أي: مِن الذُّنوبِ والمآثِمِ، وجمَع بينَ التَّوبةِ والتَّطهيرِ إلْمامًا بقولِه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]
ولَمَّا كانت التَّوبةُ طَهارةَ الباطِنِ عن أدرانِ الذُّنوبِ، والوضوءُ طهارةَ الظَّاهرِ عن الأحداثِ المانعةِ مِن التَّقرُّبِ إليه تعالى؛ ناسبَ الجمعُ بينَهما، فإذا فعَل ذلك، "فُتِحَت" بالبناءِ للمَفعولِ، وهذا الفتحُ في الآخِرةِ وهو فتحٌ حقيقيٌّ، "له"، أي: للَّذي أحسَن الوُضوءَ وقال الدُّعاءَ بعدَه، "ثمانيةُ أبوابِ الجنَّةِ"، أي: أبوابُ الجنَّةِ الثَّمانيةُ؛ فهو مِن إضافةِ الصِّفةِ إلى المَوصوفِ، "يَدخُلُ مِن أيِّها"، أي: من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ، "شاءَ"، أي: أرادَ، يَعني أنَّه يَدخُلُ مِن أيِّ بابٍ اختارَ الدُّخولَ مِنه