باب في فضل الجمعة 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري
عن أبي لبابة بن عبد المنذر، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن يوم الجمعة سيد الأيام، وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر، فيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئا إلا أعطاه ما لم يسأل حراما، وفيه تقوم الساعة، ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا هن يشفقن من يوم الجمعة" (1).
جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ الخَيريَّةَ في يومِ الجُمُعةِ على سائرِ الأيَّامِ؛ لِمَا وقَعَ فيه مِن أحداثٍ عِظامٍ، وعن تِلك الأحداثِ يُخْبِرُ أبو لُبابةَ بنُ عبدِ المُنذِرِ رضِيَ اللهُ عنه قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ يومَ الجُمُعةِ سَيِّدُ الأيَّامِ"، أي: أفضَلُها، "وأعْظَمُها عندَ اللهِ، وهو أعظَمُ عندَ اللهِ مِن يومِ الأضْحى ويومِ الفِطْرِ"؛ وذلك أنَّ الجُمُعةَ عيدٌ أُسبوعيٌّ للمُسلمينَ، ويَحْتمِلُ أنْ تكونَ أعْظَمِيَّةُ يومِ الجُمعةِ على يومِ العِيدَيْنِ باعتبارِ كونِه يومَ عِبادةٍ صِرْفٍ، وكونِهما يومَ فَرَحٍ وسُرورٍ؛ "فيه خمسُ خِلالٍ"، أي: خمْسُ صِفاتٍ وخِصالٍ تستلزِمُ فضيلةَ اليومِ الَّذي تقَعُ فيه؛ الأُولى: "خلَقَ اللهُ فيه آدَمَ"، الَّذي باهى اللهُ بخَلْقِه ملائكتَه، والثَّانيةُ: "وأهبَطَ اللهُ فيه آدَمَ إلى الأرضِ"، أي: أنزَلَه مِن الجنَّةِ إلى الأرضِ، والثَّالثةُ: "وفيه تَوفَّى اللهُ آدَمَ" فخَلْقُ آدَمَ فيه يُوجِبُ له شرفًا ومَزِيَّةً، وكذا وفاتُه، والرَّابعةُ: "وفيه ساعةٌ لا يسأَلُ اللهَ فيها العبْدُ شيئًا"، أي: ممَّا يليقُ أنْ يدعُوَ به المُسلِمُ، ويسأَلُ فيه ربَّه تعالى مِن الخيراتِ والطَّاعاتِ والمُباحاتِ، "إلَّا أعطاهُ"، أي: أجاب اللهُ له سُؤالَه، "ما لم يسأَلْ حَرامًا"، أي: ما لم يكُنِ الشَّيءُ المطلوبُ ممنوعًا مُحرَّمًا، وقد قيل في تحديدِ تلك السَّاعةِ: هي السَّاعةُ الَّتي تَلِي صَلاةَ الجُمعةِ، وقيل: هي آخِرُ ساعةٍ في يومِ الجُمعةِ، وقيل: هي السَّاعةُ الَّتي يقِفُ فيها الإمامُ خطيبًا، "وفيه تقومُ السَّاعةُ" أي: يومُ القيامةُ، وهذا وحدَه يَكْفي أنْ يجعَلَ الخَيريَّةَ في هذا اليومِ؛ لأنَّ لأحداثِ السَّاعةِ شأنًا عظيمًا، "ما مِن مَلَكٍ مُقرَّبٍ، ولا سماءٍ ولا أرضٍ، ولا رياحٍ، ولا جبالٍ، ولا بحرٍ، إلَّا هنَّ يُشْفِقْنَ مِن يومِ الجُمعةِ" خوفًا مِن قِيامِ السَّاعةِ فيه، وفي روايةِ أبي داودَ مِن حديثِ أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "ما مِن دابَّةٍ إلَّا وهي مُسِيخَةٌ يومَ الجُمعةِ مِن حينِ تُصبِحُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ؛ شَفقًا مِن السَّاعةِ، إلَّا الجِنَّ والإنسَ"، أي: فإنَّهم لا يَترقَّبونَ ولا يَخافونَ قِيامَ السَّاعةِ في هذا اليومِ؛ لكثرةِ غَفلتِهم
وفي الحديثِ: بيانُ فضْلِ وأهميَّةِ يومِ الجُمعةِ.