باب في قوله - صلى الله عليه وسلم - لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة 3

بطاقات دعوية

باب في قوله - صلى الله عليه وسلم - لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة 3

عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال أهل الغرب (4) ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة. (م 6/ 54

أُمَّةُ الإسلامِ شأنُها عِندَ اللهِ عظيمٌ؛ فإنَّها آخِرُ الأُمَمِ في الدُّنيا، ونبيُّها خاتَمُ الأنبياءِ، وقد أُرسِلَ إلى النَّاسِ كافَّةً بَشيرًا ونذيرًا، ودَعوتُه مُمتدَّةٌ إلى آخرِ الزَّمانِ، ومِن لَوازمِ امتدادِ دَعوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبقَى الحَقُّ قائمًا في الأمَّةِ لا يَضيعُ، وذلك مِن رَحمةِ اللهِ بالأُمَّةِ مِن جِهةٍ، ومِن جِهةٍ أُخرى لاستمرارِ قِيامِ الحُجَّةِ على النَّاسِ؛ فالخَيرُ باقٍ في هذه الأُمَّةِ لا يَنقطِعُ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا يَزالُ أهْلُ الغَرْبِ» قيل: إِنَّهم العربُ؛ لأنَّ الغرْبَ الدَّلوُ الكبيرُ، وهم يَستعمِلُونها، وقيل: الغرْبُ القوَّةُ في الجهادِ، وقيل: الغرْبُ الَّذي هو ضِدُّ الشَّرقِ، فهُم أهلُ الشَّام ومِصرَ وكُلِّ ما كان غربًا للمدينةِ، وقيل: كونُ المرادِ هُم أهلَ الشَّامِ أقرَبُ؛ لكثرةِ ما يُصرَّحُ بذلك، ففي حَديثِ أبي أُمامةَ عندَ أحمدَ: أنَّهم ببَيتِ المقدِسِ.
وقولُه: «ظاهِرِينَ علَى الحَقِّ» أي: يُجاهِدونَ أعداءَ الدِّينِ في سَبيلِ نُصرةِ الحقِّ والدِّينِ، رافِعينَ رايةَ الإسلامِ فوقَ كلِّ الرَّاياتِ، وهُم مُنتَصِرونَ غَالِبونَ، وسيَظلُّونَ على هذه الحالِ طائفةً بعْدَ طائفةً، إلى إتيانِ عَلامةِ قُربِ يومِ القيامةِ، وهي الرِّيحُ الَّتي تَقبِضُ رُوحَ كلِّ مُؤمنٍ ومُؤمنةٍ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنه: «ثمَّ يَبعَثُ اللهُ رِيحًا كرِيحِ المسْكِ، مسُّها مسُّ الحريرِ، فلا تَترُكُ نفْسًا في قَلبِه مِثقالُ حَبَّةٍ مِن الإيمانِ إلَّا قبَضَتْه، ثمَّ يَبقى شِرارُ النَّاسِ، عليهم تقومُ السَّاعةُ».
وهذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا يَنقطِعُ في أُمَّةِ الإسلامِ؛ فهناك مَن يتوارَثُه جِيلًا بعدَ جيلٍ، وفيه إشارةٌ إلى بقاءِ نَصْرِ اللهِ لهم وحفْظِهم.
وفي الحديثِ: علَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.