باب فيما عنى به الطلاق والنيات
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنى يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمى عن علقمة بن وقاص الليثى قال سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ».
هذا الحديث العظيم قاعدة من قواعد الإسلام، وأصل من أصول الشريعة، حتى قيل فيه: إنه ثلث العلم، حيث قال فيه صلى الله عليه وسلم: «الأعمال بالنية»، فلا تصح جميع العبادات الشرعية إلا بوجود النية فيها، «ولكل امرئ ما نوى»، فإنما يعود على المسلم من عمله ما قصده منه، وهذا الحكم عام في جميع الأعمال من العبادات والمعاملات والأعمال العادية، فمن قصد بعمله منفعة دنيوية لم ينل إلا تلك المنفعة ولو كان عبادة، فلا ثواب له عليها، ومن قصد بعمله التقرب إلى الله تعالى وابتغاء مرضاته، نال من عمله المثوبة والأجر ولو كان عملا عاديا، كالأكل والشرب، ثم ضرب صلى الله عليه وسلم الأمثلة العملية لبيان تأثير النيات في الأعمال فبين أن من قصد بهجرته امتثال أمر ربه، وابتغاء مرضاته، والفرار بدينه من الفتن؛ فهجرته هجرة شرعية مقبولة عند الله تعالى ويثاب عليها لصدق نيته، وأن من قصد بهجرته منفعة دنيوية وغرضا شخصيا، من مال، أو تجارة، أو زوجة حسناء؛ «فهجرته إلى ما هاجر إليه»، فلا ينال من هجرته إلا تلك المنفعة التي نواها، ولا نصيب له من الأجر والثواب