باب فيمن يتكنى بأبى عيسى
حدثنا هارون بن زيد بن أبى الزرقاء حدثنا أبى حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ضرب ابنا له تكنى أبا عيسى وأن المغيرة بن شعبة تكنى بأبى عيسى فقال له عمر أما يكفيك أن تكنى بأبى عبد الله فقال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنانى فقال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنا فى جلجلتنا فلم يزل يكنى بأبى عبد الله حتى هلك.
لله عز وجل الأسماء الحسنى والصفات العلى، وقد أمرنا سبحانه أن ندعوه وحده ونسأله، ووعدنا بإجابة الدعاء؛ فكل عبد يريد شيئا فليسأل الله تعالى؛ فالله قريب مجيب
وفي هذا الحديث يخبر محجن بن الأدرع رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد"، أي: مسجده صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون مسجدا آخر، "إذا رجل" في المسجد يصلي، "قد قضى صلاته"، أي: قرب من إتمام صلاته، "وهو يتشهد"، أي: يقرأ التشهد الأخير، "فقال" هذا الرجل بعد التشهد: "اللهم إني أسألك" وحدك لا أحد غيرك، "يا ألله"؛ كرر لفظ الجلالة لإظهار الذل والافتقار إلى الله تعالى، "بأنك الواحد الأحد"، قد انحصرت فيه الأحدية؛ فأنت الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات والأفعال العليا، الذي لا نظير له ولا مثيل؛ فأنت سبحانك واحد في ذاتك، وصفاتك، وأفعالك، "الصمد"، أي: السيد الذي كمل سؤدده، الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم؛ فهو الكامل في أوصافه، العليم الكامل في علمه، الحليم الكامل في حلمه، وهكذا سائر أوصافه، "الذي لم يلد"، أي: ليس له ولد، وفي هذا رد على المشركين الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله، ورد على النصارى الذين قالوا: إن عيسى ابن الله، ورد على اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله، "ولم يولد"، أي: لم يلده أحد؛ فليس له والد ولا صاحبة؛ فنفى عن ذاته الولادة والمماثلة، "ولم يكن له كفوا أحد"، أي: مكافئا ومماثلا ونظيرا، لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى، "أن تغفر لي ذنوبي"، أي: تمحو لي ما فعلته من ذنوب وعصيان لك، وعلل ذلك بقوله: "إنك أنت الغفور الرحيم"، أي: إنما سألتك مغفرة ذنوبي؛ لأنك المتصف بصفتي المغفرة والرحمة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سمع دعاء الرجل وما يتوسل به: "قد غفر الله له- ثلاثا-"، أي: محا وكفر عن هذا الرجل ذنوبه، قالها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا؛ تأكيدا وإسماعا لمن حوله.
وفي الحديث: التوسل بأسماء الله تعالى الحسنى، وصفاته العلى، وفضل الدعاء بها، وأنها سبب لإجابة الدعاء
وفيه: الحث والترغيب في الاجتهاد في الدعاء إلى الله عز وجل