باب فيمن يهجر أخاه المسلم
حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان الثورى عن منصور عن أبى حازم عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار ».
أمر الله عز وجل أهل الإسلام بالمحبة والمودة فيما بينهم، ورغب في كل السبل التي تؤدي إلى ذلك؛ حتى تكون أمة الإسلام أمة متماسكة
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه"، أي: يحرم على المسلم أن يقاطع ويخاصم أخاه في الدين، قاصدا قطع مواصلته عازما عليها، والهجر: ترك الشخص مكالمة الآخر إذا تلاقيا؛ من أجل خصومة، وترك زيارته، ونحو ذلك من أشكال الهجران، "فوق ثلاث"، أي: أكثر من ثلاثة أيام، والمعنى: أن الهجرة عفا الشرع عنها إذا كانت ثلاثة أيام، وإنما عفي عن ذلك؛ لأن الآدمي مجبول على الغضب، فسومح بذلك القدر؛ ليرجع ويزول ذلك العارض، "فمن هجر فوق ثلاث"، أي: فمن فعل ذلك بغير عذر شرعي -مثل أن يهجره لبدعة، أو نحو ذلك، فإن كان ذلك، فله مجانبته والبعد عنه، ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية- "فمات"، أي: وهو مقاطع لأخيه؛ "دخل النار"، أي: كان جزاؤه النار، فالواقع في الإثم كالواقع في العقوبة؛ إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له، وفي هذا تحذير شديد من الهجر والقطيعة