باب قتل أبي جهل 4
بطاقات دعوية
عن أبي إسحاق: سأل رجل البراء -وأنا أسمع- قال: أشهد علي بدرا؟ قال: وبارز وظاهر.
غَزْوةُ بَدرٍ هي أوَّلُ مَعرَكةٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي الفاصِلةُ بيْن الإيمانِ والكُفرِ، وسَمَّاها اللهُ تعالَى يومَ الفُرقانِ، وكانت في رَمضانَ منَ السَّنةِ الثَّانيةِ منَ الهِجْرةِ، وفي هذه الغَزْوةِ نصَر اللهُ رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والصَّحابةَ على قُرَيشٍ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو إسْحاقَ عَمْرُو بنُ عبدِ اللهِ السَّبيعيُّ أنَّه سَمِع رَجلًا يَسأَلُ البَراءَ بنَ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنهما عن شُهودِ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه وحُضورِه غَزْوةَ بَدرٍ، فأجابَ البَراءُ رَضيَ اللهُ عنه بأنَّ عَليًّا قدْ شهِدَ بَدرًا، وبارَزَ، وظاهَرَ، و«بارَزَ»، أي: تقدَّمَ للمُبارَزةِ، وهي الخُروجُ مِن الصَّفِّ على الانْفِرادِ للقِتالِ، و«ظاهَرَ»، يَعني: لبِسَ دِرعًا فوقَ دِرعٍ، فجمَع بيْن دِرعَينِ في اللِّباسِ لهما، والتَّوَقِّي بهما، أو «ظاهَرَ» مِن قولِهم: ظَهَر على خَصمِه وانتَصَرَ، إلَّا أنَّه أخرَجَه على زِنةِ المُفاعَلةِ مُبالَغةً، أو مِن «ظاهَرَ»، أي: أعانَ ونصَر غَيرَه مِن المُسلِمينَ في تلك الغَزْوةِ، وقد شهِدَ عَليُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الغَزَواتِ كلَّها، ولم يَتخلَّفْ إلَّا في غَزْوةِ تَبوكَ، حيث استَخلَفَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على المَدينةِ، وكان فارِسَ الإسْلامِ، وأحَدَ الشُّجْعانِ المَعْدودينَ.
وحَديثُ البَراءِ رَضيَ اللهُ عنه هذا يُعَدُّ مِن مَراسيلِ الصَّحابةِ؛ لأنَّ البَراءَ رَضيَ اللهُ عنه لم يَشهَدْ بَدرًا، فكأنَّه تَلقَّى ذلك عمَّن شَهِدَها منَ الصَّحابةِ، أو سَمِع مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يدُلُّ على ذلك.
وفي الحَديثِ: فَضلُ عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: شَهادةُ الصَّحابةِ لبَعضِهم بالحقِّ والعَدلِ والخَيرِ، وبما قدَّمَه بعضُهم لخِدمةِ الإسْلامِ.