‌‌باب قدر ما يجزئ من الماء في الوضوء

سنن الترمذى

‌‌باب قدر ما يجزئ من الماء في الوضوء

حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع، عن شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن ابن جبر، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يجزئ في الوضوء رطلان من ماء»: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك على هذا اللفظ» وروى شعبة، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر، عن أنس بن مالك «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكي» وروي عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر، عن أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع» وهذا أصح من حديث شريك "
‌‌

الوُضوءُ شرْطٌ لصحَّةِ الصَّلاةِ، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كيفيَّتَه، ومِقْدارَ ما يَحتاجُ مِن الماءِ دونَ إسرافٍ، كما في هذا الحديثِ، حَيثُ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "يُجزِئْ في الوُضوءِ"، أي: يَكْفي في إتمامِ غَسلِ ما يُغسَل ومَسْحِ ما يُمسَحُ مِن أعضاءِ الوضوءِ "رِطْلانِ"، والرِّطلُ: مِعيارٌ يُوزَنُ به، وهو اثنَتا عَشْرةَ أوقيَّةً، والأوقيَّةُ أربَعون دِرْهمًا مِن فِضَّةٍ، وهو يُساوي ما بين ثُلُث لِتر إلى أكثر مِن نِصف اللِّتر قليلًا على اختلافٍ بين العلماءِ في التَّقديرِ، "مِن ماءٍ"، أي: صِفةُ تِلك الكمِّيَّةِ أنَّها ماءٌ؛ فلا يَصلُحُ استِخْدامُ غيرِ الماءِ إن وُجِد وكان استخدامُه في حيِّزِ الاستطاعةِ، وعدمُ الإجزاءِ هنا بمعنى عدَمِ بُلوغِ الكَمالِ؛ لِما ورَد مِن وُضوئِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بكمِّيَّةٍ أقلَّ مِن هذه.
قيل: وذِكْرُ الرِّطْلِ في هذا الحديثِ هنا تَقديرٌ مِن الرَّاوي شَرِيكٍ القاضي؛ إذِ الرِّوايةُ الأشهَرُ والأصحُّ عن أنسٍ «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يتوَضَّأُ بالْمُدِّ، ويَغتسِلُ بالصَّاعِ»؛ فقدَّر الرَّاوي أنَّ الصَّاعَ ثمانيةُ أرطالٍ وأنَّ الْمُدَّ رِطْلان.
وذِكْرُ هذه المقاديرِ- مِن الصَّاعِ والمُدِّ والرِّطلِ- ليس على سَبيلِ التَّحديدِ بحيثُ لا يَجوزَ أكثرُ مِنه ولا أقلُّ، بل ليُحترَزَ أن يَدخُلَ في حدِّ السَّرفِ.