باب قوله: أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر
بطاقات دعوية
عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ: {وعلى الذين يطوقونه (7) فدية طعام مسكين}؛ قال: ابن عباس: ليست بمنسوخة؛ هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة؛ لا يستطيعان أن يصوما، فليطعمان مكان كل يوم مسكينا.
تدرَّجت الشريعةُ الإسلاميَّةُ السَّمحةُ في أحكامِ بعضِ العباداتِ؛ تخفيفًا على النَّاسِ وتدريبًا لهم، ومن ذلك أنَّه لم يكُنِ الصَّومُ في بِدايةِ الأمرِ فرْضًا؛ فكان يَجوزُ لِلمسلمِ أنْ يَطعَمَ ولا يَصومَ رمَضانَ مع القُدرةِ عليه، ويُطعِمَ مِسكينًا عَنِ اليومِ الَّذي يُريدُ إفطارَه؛
قال تعالَى: {وَعَلَى الَّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، أي: على الَّذين يَقدِرونَ على الصَّومِ ويُطيقونَه، لكنَّهم لا يُريدونَ صِيامَه، فَعلَيهم إطعامُ مِسكينٍ بدَلًا عَنِ اليومِ الَّذي يُفطرونَ فيه، ثُمَّ نُسخَ هذا الحُكمُ وأصبحَ الصِّيامُ واجبًا فرْضًا على كلِّ مَن أطاقَ وقدَرَ على الصَّومِ، فقال تعالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عَطاءُ بنُ أبي رَباحٍ أنَّه سَمِع ابنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما يَقرَأُ: (وَعَلَى الَّذين يُطَوَّقُونَهُ)، وهذه القراءةُ هي قِراءتُه رَضيَ اللهُ عنه وقِراءةُ ابنِ مَسعودٍ رضِي اللهُ عنه، وهي قِراءةٌ شاذَّةٌ غيرُ متواترةٍ، ومعناها: وعلى الَّذين يَتكلَّفون صِيامَه، فيَصومونَ لكنْ مع الشِّدَّةِ والتَّعبِ؛ ولذلك رأى ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّها لَيستْ مَنسوخةً؛ لأنَّ حُكمَها باقٍ، فَالمريضُ والكبيرُ الَّذي لا يَستطيعُ الصَّومَ إلَّا ويتعرَّضُ لِلعناءِ وَالمشقَّةِ، يَجوزُ له الفِطرُ وإخراجُ الفِديةِ؛ ولذلك قال: إنَّها في حَقِّ الشَّيخِ الكَبيرِ والمرأةِ الكبيرةِ لا يَستطيعانِ أنْ يَصومَا، فيُطعِمَا مكانَ كلِّ يومٍ مِسكينًا.