باب ما تجزئ من الأضاحي3
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، قال:
كنا مع رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال له: مجاشع، من بني سليم، فعزت الغنم، فأمر مناديا فنادى: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: إن الجذع يوفي مما توفي منه الثنية" (1
تَعلَّم الصَّحابةُ رضي اللهُ عنهم التَّيسيرَ والتَّخفيفَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكانوا إذا جدَّ عليهم أمرٌ أخَذوا بأيسَرِه وأسهَلِه؛ تَخفيفًا وتيسيرًا؛ اقتِداءً بسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ التَّابعيُّ الجليلُ كُليبُ بنُ شِهابٍ: كُنَّا معَ رجُلٍ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقالُ له: مُجاشِعٌ مِن بَني سُليمٍ، "فعَزَّت الغَنَمُ"، أي: قلَّت وشحَّتْ وأصبحَت عَزيزةً، والغَنمُ: اسمٌ يُطلَقُ على الخِرافِ والأغنامِ مِن الضَّأنِ، "فأمَر مُنادِيًا"، أي: فأمَر رجُلًا أن يُناديَ في النَّاسِ، "فنادَى"، أي: فأخبَر بصوتٍ عالٍ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَقولُ: إنَّ الجَذَعَ"، والجَذَعُ مِن الضَّأنِ ما أتمَّ سِتَّةَ أشهرٍ، "يوفِّي"، أي: يُجْزِئُ في الأُضحِيَّةِ، "ممَّا يوفِّي منه"، أي: يُجزِئُ في الأُضحيَّةِ كما يُجْزِئُ، "الثَّنِيُّ" مِنَ الماعزِ، والمقصودُ: أنَّ الصَّغيرَ مِن الضَّأنِ يُجزِئُ في الأضحيَّةِ كما يُجزِئُ الثَّنيُّ الكبيرُ مِنَ الماعزِ، وهو ما أتَمَّ سَنةً.
وقد قال هذا توضيحًا للنَّاسِ لَمَّا شحَّتْ وقلَّتِ الأغنامُ المُسنَّةُ الواجبةُ في الأضحيَّةِ، فبيَّنَ لهم رُخصةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيه.
أمَّا في الماعزِ فلا يَصِحُّ بأقلَّ مِن الثَّنيِّ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد نَهى عنه، وقال للرَّجُلِ الذي ضحَّى بعَنَاقٍ صَغيرةٍ مِن الماعزِ: "لا تُجزِئُ عن أحدٍ بعدَك".
وفي الحديثِ: أنَّ سُنَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التَّيسيرُ والتَّخفيفُ.
وفيه: أنَّ الضَّأنَ الصَّغيرَ يُجزِئُ في الأضحيَّةِ.