باب ما تجزئ من الأضاحي4
سنن ابن ماجه
حدثنا هارون بن حيان، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، أخبرنا زهير، عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن" (1)
بَيَّنَت الشَّريعةُ أحكامَ الأُضحيَّةِ، وأوضَحَت شُروطَها وسُننَها ووقْتَ ذَبحِها، ومَن يَنْبغي له أنْ يَذبَحَ ويُضحِّيَ، وشاء اللهُ أنْ يُيسِّرَ على خَلقِه عندَ الضَّرورةِ وفقدانِ شَرطٍ مِن شُروطِ الأُضحيَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يَنْهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه عن ذَبْحِ شَيءٍ مِنَ الإِبلِ أَوِ البَقرِ أَوِ الغَنمِ لِلنُّسُكِ هَديًّا أو أُضحيَّةً ونحْوَهما، إِلَّا أنْ تَكونَ مُسِنَّةً، وهي الَّتي بَلغَت سِنًّا مُعيَّنةً، وهي الثَّنيَّةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الإبلِ والبَقرِ والغَنمِ فَما فَوْقها، وهي ما تَمَّت لها خَمسُ سنينَ مِنَ الإبلِ، وَمنَ البَقرِ ما لها سَنتانِ ودَخلَت في الثَّالثةِ، ومِنَ الغَنمِ ما لها سَنةٌ.
ثمَّ ذكَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التَّيسيرَ في الأمرِ، فقال: «إلَّا أنْ يَعْسُرَ عَليكُم» أي: يَشُقَّ عليكم وُجودُ الثَّنيَّةِ مِن الغنَمِ، «فتَذْبَحوا جَذَعةً منَ الضَّأنِ»، وهي الَّتي أتمَّتْ ستَّةَ أَشهُرٍ، وهذا تَصريحٌ بأَنَّه لا يُذبَحُ الجَذَعُ مِن غَيرِ الضَّأنِ، وأنَّ الجَذَعةَ مِنَ الضَّأنِ لا تُجزِئُ إلَّا عندَ عدمِ وُجودِ المُسِنَّةِ، وقيل: إنَّ الحديثَ ليْس على ظاهرِه، وأغلَبُ أهلِ العلمِ يُجوِّزون الجذَعَ مِن الضَّأنِ مع وُجودِ غيرِه وعدَمِه.