‌‌باب ما جاء أن الحدود كفارة لأهلها

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء أن الحدود كفارة لأهلها

حدثنا قتيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن عبادة بن الصامت قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس، فقال: «تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا - قرأ عليهم الآية - فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب عليه فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه، فهو إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له» وفي الباب عن علي، وجرير بن عبد الله، وخزيمة بن ثابت: حديث عبادة بن الصامت حديث حسن صحيح وقال الشافعي: «لم أسمع في هذا الباب أن الحد يكون كفارة لأهله شيئا أحسن من هذا الحديث» قال الشافعي: " وأحب لمن أصاب ذنبا فستره الله عليه أن يستر على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه وكذلك روي عن أبي بكر، وعمر أنهما أمرا رجلا أن يستر على نفسه
‌‌

يَحْكي عُبادةُ بنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه أنَّه بايَعَ رَسولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم في "رَهْط"، وهو ما دونَ العَشَرةِ، فَقالَ صَلَّى الله عليه وسلَّم: أُبايِعكم عَلى أنْ لا تُشرِكوا باللهِ شَيئًا ولا تَسرِقوا ولا تَقتُلوا أولادَكم ولا تَأْتوا "بِبُهْتان"، أي: بِكَذِبٍ يَبْهَت سامِعَه، أي: يُدهِشه؛ لفَظاعتِه كالرَّمْي بالزِّنا، تَفتَرونَه بَيْنَ أيديكم وأَرجُلِكم، أي: مِن قِبَلِ أنفُسِكم، فَكَنَّى بالْيَدِ والرِّجلِ عن الذَّاتِ؛ لِأَنَّ مُعظَمَ الأَفْعالِ بِهما، ولا تَعْصوني في مَعروفٍ، وهو ما عُرِفَ مِن الشَّارِعِ حُسنُه نَهْيًا وأَمْرًا، فَمَنْ وَفى، أي: ثَبَتَ عَلى العَهدِ مِنكم فَأَجرُه عَلى اللهِ فَضلًا ووَعدًا بالجَنَّةِ، ومَن أصابَ مِنكم أيُّها المُؤمِنونَ مِن ذَلِكَ شَيئًا غَيرَ الشِّركِ فَأُخِذَ بِه، أي: فَعُوقِبَ بِه في الدُّنْيا بِأَنْ أُقيمَ عليه الحَدُّ، فَهو، أي: العِقابُ كَفارَّة لَه فَلا يُعاقَبُ عليه في الآخِرةِ وطَهور يُطَهِّره اللهُ به مِن دَنَسِ المَعصيةِ، وإذا وُصِفَ بالتَّطهيرِ مَعَ التَّوبةِ عادَ إلى ما كانَ عليه قَبلُ فَتُقبَل شَهادتُه، ومَن سَتَرَه اللهُ فَذَلِكَ مُفَوَّض إلى اللهِ، إنْ شاءَ عَذَّبَه بِعَدْلِه، وإنْ شاءَ غَفَرَ لَه بِفَضلِه.