باب ما جاء أن الخلفاء من قريش إلى أن تقوم الساعة1
سنن الترمذى
حدثنا حسين بن محمد البصري قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن الزبير، قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل، يقول: كان ناس من ربيعة عند عمرو بن العاص فقال رجل من بكر بن وائل: لتنتهين قريش أو ليجعلن الله هذا الأمر في جمهور من العرب غيرهم، فقال عمرو بن العاص: كذبت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة»: وفي الباب عن ابن مسعود، وابن عمر، وجابر وهذا حديث حسن صحيح غريب
مِن حِكمةِ الله تعالى أنْ فَضَّلَ بعضَ الناسِ على بَعضٍ، وقُرَيشٌ ممَّن فضَّلَهم اللهُ على النَّاسِ وجَعَل الناسَ تَبعًا لهم، كما يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "قُرَيشٌ وُلاةُ النَّاسِ في الخيرِ والشَّرِّ إلى يَومِ القيامةِ"، أي: الرِّياسةُ فيهم في الجاهليَّةِ والإسلامِ، وقيل: أي: الحَرْبِ والسِّلمِ، وقيل: أي: الظُّلمِ والعَدلِ، وقيل: الشِّدَّةِ والرَّخاءِ، ويَستمِرُّ ذلك إلى يومِ القيامةِ.
وقيل: إنَّ المقصودَ هو أنَّهم أَوْلى بالخِلافةِ العُظْمى وأنَّها تَكونُ فيهم، ولا تُنزَعُ عنهم ولا يَنزِعُها عَنهم إلَّا ظالمٌ، ولكن قد ورَدَت روايةٌ أخرى فيها: "قريشٌ وُلاةُ هذا الأمرِ، ما أقاموا الدِّينَ"، أي: هم وُلاةُ أمرِ الإمامةِ العُظْمى ما أقاموا الدِّينَ، وقد حدَث ذلك؛ فإنَّ الخِلافةَ لَم تزَلْ فيهم والنَّاسُ في طاعَتِهم إلى أن استَخفُّوا بأمْرِ الدِّينِ، فضَعُفَ أمرُهم وتلاشَى، حتَّى لم يَبقَ شيءٌ مِن الخلافةِ سوى اسمِها المجرَّدِ في بعضِ الأقطارِ.
وقد ورَد في رِوايةٍ أخرى "أنَّ النَّاسَ تبَعٌ لقُريشٍ في الجاهليَّةِ والإسلامِ، بَرُّهم تَبعٌ لِبَرِّهم، وفاسِدُهم تبَعٌ لفاسِدِهم"، وقد تحقَّق ذلك؛ فقد كانتِ العربُ تَدينُ بما تَدينُ به قريشٌ؛ كانوا أصحابَ حرَمِ اللهِ، وبعدَ السَّلامِ انتَظَر النَّاسُ موقِفَ قريشٍ منه، وكانوا على رأيِهم في الكُفرِ والإسلامِ، وقد أسلَم العربُ لَمَّا رأَوْا إسلامَ قُريشٍ.
وفي الحديثِ: الإخبارُ عن أحَقِّيَّةِ قُريشٍ بالخِلافةِ بعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.