باب ما جاء في الخلافة2
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا سريج بن النعمان قال: حدثنا حشرج بن نباتة، عن سعيد بن جمهان، قال: حدثني سفينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك» ثم قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر، وخلافة عمر، وخلافة عثمان، ثم قال لي: أمسك خلافة علي قال: فوجدناها ثلاثين سنة، قال سعيد: فقلت له: إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم؟ قال: كذبوا بنو الزرقاء بل هم ملوك من شر الملوك،: وفي الباب عن عمر، وعلي قالا: لم يعهد النبي صلى الله عليه وسلم في الخلافة شيئا وهذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان ولا نعرفه إلا من حديثه
في هذا الحديثِ يَقولُ سَفينةُ مَولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "خِلافةُ النُّبوَّةِ ثَلاثونَ سَنَةً"، أي: مُدَّةُ بقائِها في أُمَّةِ الإسلامِ بَعْدَ وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "ثُمَّ يُؤتِي اللهُ المُلْكَ مَنْ يَشاءُ"، أي: ثُمَّ تتَحوَّلُ الخِلافةُ إلى مُلْكٍ يُعْطيه اللهُ تعالى لِمَنْ يَشاءُ.
قال سَعيدُ بنُ جُمْهانَ: قال لي سَفينةُ: "أَمْسِكْ عليكَ"، أي: احْسُبْ مَعي، "أبو بَكْرٍ"، أي: كانت مُدَّةُ خلافتِه، "سنَتينِ، وعُمَرُ عشرًا، وعثمانُ اثْنَتِي عَشْرةَ، وعليٌّ كَذا"، أي: هذه سَنواتُ خِلافةِ هؤلاء المَذْكورينَ، وقد اسْتَغْرقَتْ مُدَدُهم ثَلاثينَ سَنَةً، وعلى هذا تكونُ مُدَّةُ خِلافةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: سِتَّ سنواتٍ، وقد أَحْصى البعضُ مُدَّةَ خِلافةِ الحَسَنِ بنِ عليٍّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وبها تَمَّت ثلاثون سَنَةً.
قال سَعيدٌ: قلتُ لِسَفينةَ: "إنَّ هؤلاء يَزْعُمونَ أنَّ عليًّا لم يَكُنْ بخَليفةٍ"، أي: يَزْعُمُ بنو أُميَّةَ أنَّ مُدَّةَ خلافةِ عليٍّ لا تُحْتَسَبُ مِن الخلافةِ الرَّاشِدَةِ، ولعلَّهم يُلمِّحونَ إلى ما كان فيها مِن فِتَنٍ وحُروبٍ بينَ المسلِمين بعضِهم البعضِ؛ ليُسْقِطوا مُدَّتَه وتَدخُلَ مُدَّةُ حُكْمِهم الأُولى في الخِلافةِ الرَّاشِدةِ، فقال سَفينةُ: "كَذَبَتْ أَسْتاهُ بني الزَّرقاءِ- يعني: بَني مَرْوانَ-"، أي: كَذَبَ بَنو أُمَيَّةِ فيما يَزْعُمونَه، وربَّما يَقْصِدُ أنْ يَقولَ: إنَّهم أخطَؤوا في حِسابِهم ذَلِك؛ لأنَّ العربَ تُطْلِقُ على مَوضِعِ الخطأِ لَفْظَ (كذب)، والأَسْتاهُ جَمْعُ: اسْتٍ، وهو: حَلْقَةُ الدُّبُرِ ومَخْرَجُ البِرازِ، والمُرادُ أنَّه كلمةٌ خَرَجتْ مِنْ دُبُرِهم، والزَّرقاءُ امرأةٌ مِنْ أُمَّهاتِ بَني أُمَيَّةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ عَدَدِ سِنِي الخلافةِ الرَّاشِدةِ.
وفيه: بيانُ أنَّ عليَّ بنَ أبي طالِبٍ مِنْ الخُلفاءِ الرَّاشِدينَ، والردُّ على زعَم خِلافَ ذلك.