‌‌باب ما جاء أين يضع الرجل وجهه إذا سجد

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء أين يضع الرجل وجهه إذا سجد

حدثنا قتيبة قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الحجاج، عن أبي إسحاق، قال: قلت للبراء بن عازب: أين كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع وجهه إذا سجد، فقال: «بين كفيه»، وفي الباب عن وائل بن حجر، وأبي حميد، " حديث البراء حديث حسن غريب وهو الذي اختاره بعض أهل العلم: أن تكون يداه قريبا من أذنيه "
‌‌

الصَّلاةُ عِبادةٌ تَوقيفيَّةٌ، أخَذَها الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَمًّا وكَيفًا، ونقَلوها للأُمَّةِ كما صَلَّوها مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يَذكُرُ الصَّحابيُّ وَائلُ بنُ حُجرٍ رَضيَ اللهُ عنه بعضًا من صِفةِ صَلاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه رآه حينَ شَرَعَ وبدأ في الصَّلاةِ، رَفَعَ يَدَيه عندَ تَكبيرةِ الإحرامِ، فرَفَعَهما بِمُحاذاةِ أُذُنَيه، ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوبِه، أي: تَغطَّى وجمَعَ أطرافَ ثَوبِه، فغَطَّى صَدرَه ويَدَيه، ولعلَّ ذلك من شِدَّةِ البَردِ، ووَضَعَ كفَّ اليُمنى على كفِّ -أو رُسغِ- اليُسرى؛ لأنَّه أقرَبُ إلى الخُشوعِ، ووَضَعَهما تحتَ ثَوبِه، فلمَّا أرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرُّكوعَ أخرَجَ يَدَيه مِنَ الثَّوبِ، ثُمَّ رفَعَهما وكبَّرَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قامَ مِنَ الرُّكوعِ وقالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه»، وهذا خبَرٌ بمَعنى الدُّعاءِ، أيِ: استَجِب يا أللهُ دُعاءَ مَن حَمِدَك، وهذا منَ الإمامِ دُعاءٌ للمأمومِ. وقيلَ: يَحتمِلُ أن يَكونَ خَبرًا عن فَضلِ اللهِ تَعالَى، وأمَّا إذا كانَ مأمومًا فإنَّه يَقتصِرُ على قَولِه: «ربَّنا ولك الحَمدُ» عَقِبَ سَماعِه قولَ الإمامِ: «سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه»، كما في حديثِ أنسٍ رَضيَ اللهُ عنه الذي في الصَّحيحَينِ. وقيلَ: يَجمَعُ بينَهما كما في حالِ المُنفرِدِ، ثُمَّ لمَّا أرادَ أن يَسجُدَ بسَطَ كفَّيه على الأرضِ ووَضَعَ رأسَه بينَ كفَّيه على هذه الحالِ، بمَعنى: أنَّ يَدَيه وهما على الأرضِ كانَتا مُحاذيتَين لمَوضِعِ رأسِه في السُّجودِ.
وفي الحديثِ: أنَّ العَملَ اليَسيرَ في الصَّلاةِ من غيرِ جِنسِها لا يُفسِدُها، كإصلاحِ الثَّوبِ.
وفيه: بيانُ بعضِ أوصافِ الصَّلاةِ، وحركةِ اليَدَينِ في كلِّ مَوضِعٍ منها.