باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه»2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه»: «هذا حديث حسن وهو أصح من الأول»
حَذَّر الشَّرعُ مِنَ التَّهاونِ في أَداءِ حُقوقِ النَّاسِ، ومِن ذلك الدَّيْنُ، فعَلى الْمُسلمِ أنْ يَسْتعينَ باللهِ في قَضاءِ دُيونِه؛ حتَّى لا يَأْتِيَه أجَلُه وفي ذِمَّتهِ دَينٌ لِأحدٍ؛ فيُعلَّق به.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نَفْسُ المؤمِنِ"، أي: الَّذي مات وعليه دَيْنٌ، "مُعلَّقةٌ بدَيْنِه"، أي: محبوسةٌ عن النَّعيمِ، وقيل: مُتوقَّفٌ في أمرِها، لا يُعرَفُ لها نجاةٌ أو هلاكٌ، أو أنَّه لا يَظفَرُ بمقصُودِه مِن دخولِ الجنَّةِ، أو مِن المرتبةِ العاليةِ "حتَّى يُقضَى عنه"، أي: حتَّى يُسدَّدَ عنه دَينُه.
قيل: إنَّ هذا مُقيَّدٌ بمَن قدَر على القَضاءِ وخالَف في الوفاءِ به؛ فهذا حثٌّ لورَثتِه على قَضائِه، أمَّا الَّذي لم يكُنْ له مالٌ وكان في نفْسِه الحِرصُ على القضاءِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى هو الَّذي يَقضِي عنه، كما جاء عِندَ البخاريِّ عن أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "مَن أخَذ أموالَ النَّاسِ يُريد أداءَها أدَّى اللهُ عنه، ومَن أخَذها يريدُ إتلافَها أتلَفَه اللهُ".
وفي الحَديثِ: حثُّ المُسلِمِ على أن يَقضيَ ما عليه قبل وفاتِه مِن دَيْنٍ، فإنْ لم يَقدِرْ قضَى ذلك عنه ورَثتُه، فإنْ لم يَقدِروا سعَى لذلك مَن يَقدِرُ مِن المسلِمين.