باب ما جاء فى الركاز وما فيه

باب ما جاء فى الركاز وما فيه

حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة سمعا أبا هريرة يحدث أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « فى الركاز الخمس ».

جاءت تشريعات الإسلام بأوامر ونواه تضبط تعاملات الناس فيما بينهم؛ حفظا للحقوق، وقطعا للنزاع، ولذلك بين الشرع الحكيم أمور الديات والجراحات وما يجب فيها من جزاء، وما لا يجب ويعد هدرا
وفي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن العجماء جبار، أي: إن ما تحدثه العجماء -وهي البهيمة؛ سميت بذلك لأنها لا تقدر على الكلام- إذا انفلتت، من تلف أو ضرر؛ فهو هدر لا ضمان فيه، وذلك إذا لم يكن معها مالكها، أما إذا كان معها فعليه ضمان ما أتلفته، سواء أتلفته ليلا أو نهارا، وسواء كان سائقها أو راكبها، وسواء كان الذي معها مالكها أو أجيره، أو مستأجرا أو مستعيرا، وسواء أتلفت بيدها أو رجلها، أو عضها أو ذنبها. وإن كان معها مالكها وانفلتت رغما عنه دون أن يفعل لها شيئا تسبب في انفلاتها؛ فما أحدثته هدر ولا ضمان على مالكها
وأن البئر جبار، يعني أن البئر يحفرها الرجل في ملكه أو في أرض موات -وهي التي ليست ملكا لأحد، أو كانت طريقا للمسلمين- فيسقط فيها رجل، أو تنهار على من استأجره لحفرها فيهلك؛ لا ضمان فيه، أما إذا حفرها في طريق المسلمين أو في ملك غيره بغير إذنه، ففيه الضمان
وكذا المعدن جبار، فإذا حفر في ملكه أو في أرض موات كالمنجم ونحوه؛ لاستخراج ما فيه من الذهب والفضة ونحوها، فوقع فيه إنسان أو انهار على من يحفره؛ فقد يستأجر الإنسان قوما يعملون في البئر؛ فربما انهارت على بعضهم، فلا ضمان فيه أيضا، ودماؤهم هدر. قال العلماء: وأما إذا حفرها في الطريق العام، فوقع فيها آدمي ومات؛ فديته على عاقلة الحافر، والكفارة في مال الحافر، أما إذا وقع غير الآدمي فيها وتلف فيها وجب ضمانه في مال الحافر
ثم بين صلى الله عليه وسلم أن في الركاز الخمس، والركاز: هو المال والكنوز المدفونة في الأرض، والمراد: أنه يجب إخراج الخمس من كل كنز جاهلي، وكل ما أخرج من ثروات الأرض المدفونة في باطنها، ويكون ذلك وقت استخراجه ولا ينتظر حتى يحول عليه الحول وهو العام القمري (الهجري)
وفي الحديث: بيان عدل الشريعة الإسلامية، حيث لا يضمن أحد شيئا متلفا إذا لم يباشره ولا كان سببا فيه، ولا يؤاخذ من لم يصنع الضرر أو يتسبب فيه
وفيه: بيان مقدار زكاة ما يجده المسلم من أموال دفنت في الأرض