باب ما جاء فى يمين النبى -صلى الله عليه وسلم- ما كانت
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلى حدثنا ابن المبارك عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال : أكثر ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحلف بهذه اليمين : « لا ومقلب القلوب ».
الحلف بالشيء تعظيم له؛ ولذلك نهى الله سبحانه وتعالى عن الحلف بغيره؛ لأن حقيقة العظمة مختصة بالله تعالى، فلا يساوى به غيره؛ ولهذا وجب أن يكون حلفنا بالله أو بأسمائه وصفاته؛ حتى لا نقع في الشرك الأصغر
وفي هذا الحديث يذكر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحلف في أحيان كثيرة، فيقول: «لا ومقلب القلوب»؛ لأن في اليمين بالله توحيدا وتعظيما له، وتقليب القلوب صفة فعل لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه يغيرها من حال إلى حال، ويصرفها من رأي إلى رأي. فالقلب لا يزال متقلبا يحب ما يبغضه، ويبغض ما يحبه، ويكره ما يشتهي، ويشتهي ما يكره، فالله تعالى هو الذي يتولى قلوب العباد يصرفها كيف يشاء، وهذا من تمام ملكه، فلا ينازعه أحد في التدبير والتصرف، ولا يقع في الوجود إلا ما أراده، وبهذا يعلم مدى حاجة العبد إلى ربه، وأنه لا غنى له عنه طرفة عين، فلا بد له من هدايته وتوفيقه، وإلا ضل. وسمي قلب الإنسان قلبا؛ لكثرة تقلبه، ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة، وغير ذلك من الصفات الباطنة، وجعل ظاهر البدن محل التصرفات الفعلية والقولية، والقلب يتقلب بين الخواطر الحسنة والسيئة، والمحفوظ من حفظه الله تعالى
وفي الحديث: مشروعية الحلف بصفات الله تعالى
وفيه: دليل على أن أعمال القلب -من الإرادات والدواعي وسائر الأعراض- بخلق الله تعالى