باب ما جاء في أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه3

سنن الترمذى

باب ما جاء في أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه3

حدثنا محمد بن سهل بن عسكر البغدادي قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا نافع بن عمر الجمحي، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن ابن عباس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعى عليه»: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم: أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه
‌‌

وضَعَ الإسلامُ أُسسًا وقَواعدَ تَضبِطُ التَّقاضيَ فيما بيْن النَّاسِ؛ حتَّى لا يَبغِيَ أحدٌ على أحدٍ.
وهذا الحديثُ يَتضمَّنُ أصلًا كبيرًا في القَضاءِ؛ وهو أنَّ اليَمينَ على المدَّعَى عليه، كما أنَّ البيِّنةَ على المدَّعِي، وبَيانُ ذلك أنَّه لوِ اختصَمَ رَجلانِ، وادَّعى أحدُهما أنَّ له على الآخَرِ مالًا، فهذا الرَّجلُ المدَّعِي إنَّما يَجِبُ عليه البيِّنةُ، فإذا لم يَأتِ بِالبيِّنةِ، فإنَّ الرَّجلَ الآخَرَ -وهو المدَّعَى عليه- ليس عليه إلَّا اليمينُ، فيَحلِفُ على خِلافِ ما ادَّعاهُ عليه المدَّعِي.
والحِكمةُ في كَونِ البيِّنةِ على المدِّعِي واليمينِ على المَّدَّعَى عليه: أنَّ جانِبَ المدَّعِي ضَعيفٌ؛ لأنَّه يقولُ خِلافَ الظَّاهرِ، فكُلِّف الحُجَّةَ القوِيَّةَ، وهي البيِّنةُ، فيَقوَّى بها ضَعْفُ المدَّعِي، وجانِبُ المدَّعى عليه قَويٌّ؛ لأنَّ الأصلَ فَراغُ ذِمَّتِه، فاكْتُفِيَ فيه بِحُجَّةٍ ضَعيفةٍ، وهي اليمينُ؛ لأنَّ الحالِفَ يَجلِبُ لِنفْسِه النَّفعَ ويَدفَعُ الضَّررَ، فكانَ ذلك في غايةِ الحِكمةِ.