‌‌باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع1

حدثنا قتيبة قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، عن ابن أم هانئ، عن أم هانئ قالت: كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بشراب فشرب منه، ثم ناولني فشربت منه، فقلت: إني أذنبت فاستغفر لي، فقال: «وما ذاك؟»، قالت: كنت صائمة، فأفطرت، فقال: «أمن قضاء كنت تقضينه»، قالت: لا، قال: «فلا يضرك» وفي الباب عن أبي سعيد، وعائشة
‌‌

ن رحْمةِ اللهِ تعالى بعبادِه المؤمنِينَ أنْ جعَل لهم مِن عباداتِ التَّطوُّعِ والنَّفلِ ما يَجبُرون به الفرْضَ، ومِن فضْلِه تعالى أنَّه جعَل المتطوِّعَ في الصَّومِ أميرَ نفسِه؛ إنْ شاءَ أكمَلَ اليومَ، وإنْ شاء أفطَرَ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ أمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنها: "كنتُ قاعِدةً"، أي: جالِسةً في مجلِسٍ، "عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم" وبحضرَتِه، "فأُتيَ" النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "بشَرابٍ" مِن ماءٍ أو غيرِه، "فشرِب" النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "منه"، أي: مِن هذا الشَّرابِ، "ثمَّ ناوَلَني"، أي: ثمَّ ناوَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الإناءَ الَّذي فيه بقيَّةُ الشَّرابِ لأمِّ هانئٍ بنتِ أبي طالِبٍ، "فشرِبتُ"، أي: أمُّ هانِئٍ، "منه"، أي: مِن الشَّرابِ.
"فقلتُ"، أي: قالت أمُّ هانئٍ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنِّي أذنَبتُ" ذنبًا، "فاستغفِرْ لي"، أي: اطلُبْ مِن اللهِ أنْ يَغفِرَ لي، "فقال" النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وما ذاك؟"، أي: وما هو هذا الذَّنبُ؟ "قالت" أمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنها: "كنتُ صائمَةً" هذا اليومَ، "فأفطَرتُ" الآنَ بشُربي مِن الشَّرابِ الَّذي ناوَلْتَني إيَّاه، "فقال" النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أمِن قَضاءٍ كنتِ تَقضِينَه؟"، أي: هل أفطَرتِ مِن صوْمِ قضاءٍ كان عليكِ لَم تصومِيه؟ "قالت" أمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنها: "لا"، أي: إنَّ هذا الصَّوْمَ الَّذي أفطَرتُ منه ليس صوْمَ قضاءٍ؛ بل هو صوْمُ تطوُّعٍ ونفْلٍ، "قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عند ذلك: "فلا يَضُرُّكِ"، أي: ليس عليكِ إثْمٌ ولا ذنْبٌ في الفِطرِ؛ لأنَّه صوْمُ تطوُّعٍ، والمتطوِّعُ أميرُ نفْسِه؛ إنْ شاءَ أتمَّ صِيامَ يومِه، وإنْ شاءَ أفْطَر، ولا شَيءَ عليه.