‌‌باب ما جاء في إنشاد الشعر2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في إنشاد الشعر2

حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، قال: قيل لها: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان يتمثل بشعر ابن رواحة ويقول: «
[البحر الطويل]
ويأتيك بالأخبار من لم تزود»
وفي الباب عن ابن عباس: «هذا حديث حسن صحيح»

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَحفَظُ قليلًا مِن الشِّعرِ، ويتَمثَّلُ ببعضِ الأبياتِ مِن شِعرِ العرَبِ إذا أعجبَتْه، من الأبياتِ التي تَشتَمِلُ على نَوعٍ مِن الحِكمةِ، وفي هذا الحديثِ: أنَّ عائشةَ رَضِي اللهُ عَنها قيل لها: "هل كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يتَمثَّلُ بشيءٍ مِن الشِّعرِ؟"، أي: يَقولُ ويُنشِدُ بعضَ الشِّعرِ لأحَدٍ مِن العربِ لِيَضرِبَ به المثَلَ، وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يَكُنْ يَألَفُ الشِّعرَ وما يَنبَغي له، فقالت عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: "كان يتَمثَّلُ بشِعرِ ابنِ رَواحةَ"، أي: إنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم كان يُنشِدُ بعضَ الشِّعرِ الَّذي يَقولُه عبدُ اللهِ بنُ رَواحَةَ، "ويتَمثَّلُ ويَقولُ: ويَأتيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزوِّدِ"، أي: وكان يتَمثَّل بغيرِ شِعرِ ابنِ رَواحةَ أيضًا، ومنها قولُ طَرْفةَ بنِ العَبْدِ: ويَأتيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزوِّدِ، وهذا الشَّطرُ الثَّاني من بيتِ الشِّعرِ، والبيت بتمامِه:
ستُبْدي لك الأيَّامُ ما كنتَ جاهِلًا ** ويأتيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزوِّدِ.
والمعنى: ستُظهِرُ لك الأيَّامُ وتُطْلِعُك على ما كُنتَ تَغفُلُ عنه، ويأتيك بالأخبارِ مَن لم تَسأَلْه.
وقد ثبَت أيضًا عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه كان يتَمثَّلُ ببيتِ شِعرٍ لأُميَّةَ بنِ أبي الصَّلْتِ، وآخَرَ لِلَبيدِ بنِ ربيعةَ، يقولُ فيه: ألَا كُلُّ شيءٍ ما خَلَا اللهَ باطلُ.