باب ما جاء في استحباب التمر
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن سهل بن عسكر البغدادي، وعبد الله بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بيت لا تمر فيه جياع أهله» وفي الباب عن سلمى امرأة أبي رافع.: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام بن عروة إلا من هذا الوجه وسألت البخاري عن هذا الحديث، فقال: «لا أعلم أحدا رواه غير يحيى بن حسان»
كان كَثيرٌ مِن العربِ قَديمًا يَعتمِدون في طَعامِهم على التَّمرِ وما تُخرِجُه أرضُهم مِن النِّعمِ مع الماءِ واللَّبنِ، ولذلك كانوا يَدَّخرون منه طَعامَ سَنةٍ كاملةٍ، وكان هذا يُوفِّرُ لهم طعامًا غيرَ مُنقطِعٍ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ البيتَ الَّذي لا تَمْرَ فيه جِياعٌ أهلُه؛ لكونِه أنفَسِ الثِّمارِ الَّتي بها قِوامُ أنفُسِ الأبدانِ مع كَونِه أغلَبَ أقواتِ الحِجازِ في ذلك الزَّمنِ، وهذا مِن قَبيلِ المبالَغةِ، أي: إنَّ التَّمرَ هو القُوتُ، فالقُوتُ مَوجودٌ ما وُجِدَ التَّمرُ، والقُوتُ مُنعدِمٌ ما انعَدَمَ التَّمرُ، فكأنَّ غيْرَه مِن الأقواتِ لا يُعتَدُّ به، قِيلَ: أرادَ به أهْلَ المدينةِ ومَن كان قوتُهم التَّمرَ، ولعلَّهُ حثَّ على القناعةِ في بلادٍ كَثُرَ فيها التَّمرُ، أي: مَن قَنعَ به لا يجوعُ، وكرَّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَلامَه هذا مرَّتَينِ أو ثلاثًا، تَأكيدًا لكلامِه، وإظهارًا لأهمِّيَّةِ التَّمرِ؛ فمَن كان عِندهم التَّمرُ فلا يَنْبغي أنْ يَجُوعوا؛ لأنَّ عِندهم زادَهُم، ولا يُعتبَرون جِياعًا.
قيل: لا يَختَصُّ ذلك بالتَّمرِ، بلْ كلُّ غالبِ قُوتٍ شَأنُه ذلك، فيُقال في بَلدٍ غالِبُ قُوتِهم القمحُ: بَيتٌ لا قَمْحَ فيه جِياعٌ أهْلُه.
وفي الحديثِ: فضيلةُ التَّمرِ.