باب ما جاء في الاشتراط في الحج1
سنن الترمذى
حدثنا زياد بن أيوب البغدادي قال: حدثنا عباد بن عوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن ضباعة بنت الزبير أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج، أفأشترط؟ قال: «نعم»، قالت: كيف أقول؟ قال: «قولي لبيك اللهم لبيك، لبيك محلي من الأرض حيث تحبسني» وفي الباب عن جابر، وأسماء بنت أبي بكر، وعائشة.: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يرون الاشتراط في الحج، ويقولون: إن اشترط فعرض له مرض أو عذر فله أن يحل ويخرج من إحرامه، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، ولم ير بعض أهل العلم الاشتراط في الحج، وقالوا: إن اشترط فليس له أن يخرج من إحرامه ويرونه كمن لم يشترط
الاشتراطُ في الحجِّ هو أنْ يَنويَ المُحرِمُ الحجَّ ويقولَ: اللَّهمَّ مَحلِّي حيثُ حَبْستَنِي، أي: إنِّي أكونُ حَلالًا حيثُ مَنعَني مانعٌ مِن إتمامِ الحجِّ والمناسكِ، وفائدتُه: أنَّ المُحرِمَ قدْ يُخشَى أنْ يَمنعَه مانعٌ مِن إتمامِ الحجِّ، كالمرضِ ونحوِه، فيُريدُ أنْ يتحلَّلَ مِنَ الحجِّ إذا حصَلَ له هذا المانعُ دُونَ أنْ يَجِبَ عليه فِديةٌ أو قَضاءٌ.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنه لَمَّا دَخلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ضُبَاعةَ بنتِ الزُّبَيْرِ بنِ عبدِ المطَّلِبِ بنتِ عَمِّ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَضِي اللهُ عنها، وسألَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن سببِ عدَمِ حَجِّها، فقال لها: «لعلَّكِ أردْتِ الحجَّ؟» يعني: أردتِ الخُروجَ للحَجِّ معنا؛ فإنَّا نحِبُّ أن تتوجَّهي معنا للحَجِّ، فذكَرَت لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها تجِدُ نَفْسَها مَريضةً.
فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «حُجِّي واشْتَرِطي»، ثم بَيَّن لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما تَقولُه في الاشتراطِ، فقال: «قُولي: اللَّهمَّ مَحلِّي حيثُ حبستَنِي»، ومعناه: أنِّي حيثُ عجزْتُ عَنِ الإتيانِ بِالمناسكِ وانحبسْتُ عنها بسَببِ قوَّةِ المرضِ تحلَّلتُ، ومَكانُ تحلُّلي عَنِ الإحرامِ مكانُ حَبَستَنِي فيه عَنِ النُّسكِ بعلَّةِ المرضِ، وكانت ضُباعَةُ زَوجةَ المقدادِ بنِ الأسودِ رضِي اللهُ عنهما، وهو المِقدادُ بنُ عَمرِو بنِ ثَعلَبةَ بنِ مالكٍ الكِنديُّ، صاحِبُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأحَدُ السَّابِقينَ الأوَّلين، ويقالُ له: المِقدادُ بنُ الأسوَدِ؛ لأنَّه رُبِّي في حَجرِ الأسوَدِ بنِ عَبدِ يَغُوثَ الزُّهريِّ، فتَبَنَّاه. وقد شَهِد بَدرًا والمشاهِدَ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان يومَ بَدرٍ فارسًا، وعاش نحوًا من سبعين سنة، مات في سنةِ ثلاثٍ وثلاثين، وصلَّى عليه عُثمانُ بنُ عَفَّان، وقَبْرُه بالبقيعِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ النَّسبَ لا يُعتبَرُ في الكَفاءةِ، وإلَّا لَمَا جازَ لِلمقدادِ رضِيَ اللهُ عنه أنْ يَتزَّوجَ ضُباعةَ رضِي اللهُ عنها؛ لأنَّها فوقَه في النَّسبِ؛ فهي بِنتُ أشرافِ القَومِ، وهو كان حليفًا مُتبَنًّى.
وفيه: أنَّ المُحصَرَ يَحِلُّ حيثُ يُحبَسُ.