باب ما جاء في التطوع في البيت 2
سنن ابن ماجه
حدثنا زيد بن أخزم، وعبد الرحمن بن عمر قالا: حدثنا يحيى ابن سعيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتخذوا بيوتكم قبورا" (2).
كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حريصًا على أُمَّتِه، يُعلِّمهم الخيرَ، ويأمرُهم بما يَنفعُهم؛ ومن هذا أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَهم أنْ يَجعلوا نَصيبًا من صلاتِهم وعِبادَتِهم في بُيوتِهم، والصَّلاةِ عليه، وغير ذلك من العِباداتِ المُهِمَّة التي نَبَّهَهُمْ لِفِعْلِها.
وفي هذا الحديثِ: يقول النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تَجعلوا بُيوتَكم قُبورًا"، أي: لا تَترُكوا الصَّلاةَ وغيرَها من العِبادات في البُيوتِ؛ فتكون كأنَّ أَهْلَها أَمواتٌ، ولكن اجعلوا نصيبًا من صلاتِكم في البيتِ. وقِيلَ: إنَّه يعني النَّهْي عن الدَّفْنِ في البُيوتِ، ودَفْنُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بَيْتِهِ أَمْرٌ خاصٌّ به مُسْتَثْنى من النَّهْي، "ولا تجعلوا قَبْرِي عِيدًا"، أي: تَتَكَلَّفوا المُعاوَدَةَ إلى زِيارةِ القبْرِ، وكأنَّه مُناسَبَةُ عِيدٍ تَتَكرَّرُ فيُذْهَبُ إليه. ثُمَّ أَمَرَهم بما يَنُوبُ ويُغْنِي عن ذلك، فأَمَرَهم بالصَّلاةِ عليه "وصَلُّوا عَلَيَّ؛ فإنَّ صلاتَكم تَبْلُغُني حيث كُنتم"، أي: إنَّ صلاةَ المُسلِم على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم تَصِلُهُ؛ فَمَنْ صلَّى عليه كأنَّه جاءَ إليه فَصَلَّى وسَلَّمَ عليه؛ فلا حاجةَ لاتِّخاذِ القَبْرِ عِيدًا.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على إقامةِ جُزْءٍ من العِبادةِ في البيتِ.
وفيه: النَّهْيُ عن اتِّخاذِ قَبْرِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عِيدًا.
وفيه: الحَثُّ على الصَّلاة على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفيه: بَيانٌ لكرامة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على رَبِّه.
وفيه: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على إِبْعادِ أُمَّتِهِ عن الشِّرْكِ وأسبابِهِ.