باب ما جاء في التطوع في البيت 3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن معاوية
عن عمه عبد الله بن سعد، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيما أفضل؟ الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ قال: "ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد، إلا أن تكون صلاة مكتوبة" (1).
صَلاةُ الفَريضةِ في المسجِدِ تَزيدُ على صَلاةِ المَرْءِ في بَيتِه أو سُوقِه، أو مُنْفرِدًا في أيِّ مكانٍ، وقد حَثَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على جَعْلِ نَصيبٍ للبُيوتِ مِن الصَّلاةِ بالنَّوافِلِ والسُّنَنِ، وبَيَّنَ أنَّ صَلاتَها في البيتِ أفضَلُ مِن صَلاتِها في المسجِدِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ سَعدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "سأَلْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّما أفضَلُ؛ الصَّلاةُ في بيتي أو الصَّلاةُ في المسجِدِ؟"، أي: صَلاةُ النَّافلةِ عُمومًا أداؤُها أفضَلُ في البيتِ أمْ في المَسجِدِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أَلَا ترى إلى بيتي ما أقرَبَه مِن المسجِدِ"، وكانت حُجراتُ أزواجِه مُلاصِقةً للمسجِدِ، "فلَأَنْ أُصَلِّيَ في بيتي أحبُّ إليَّ مِن أنْ أُصَلِّيَ في المَسجِدِ، إلَّا أنْ تكونَ صَلاةً مَكتوبةً"، أي: صَلاةُ النَّافلةِ في البيتِ أحبُّ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن صَلاتِها في مَسجِدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غيرِ المَكتوبةِ، وهي الخمسُ صَلواتٍ الفريضةُ، فأَداؤُها في المسجِدِ أفضَلُ مِن أنْ تُصَلَّى في البَيتِ.
وصَلاةُ النَّوافِلِ والتَّطوُّعِ فِعْلُها في البُيوتِ أفضَلُ، إلَّا ما شُرِعَ له الجَماعةُ؛ كالعيدِ والكُسوفِ والاستسقاءِ، وما عدا ذلك ففِعْلُه في البيتِ أفضَلُ؛ لدُخولِه تحتَ قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أفضَلُ صَلاةِ المرْءِ في بيتِه إلَّا المَكتوبةَ"، والحِكمةُ في تَفضيلِ ذلك؛ لكونِه أَخْفى وأبعَدَ مِن الرِّياءِ، وأصونَ مِن المُحبِطاتِ، وليتبَرَّكَ البيتُ بذلك، وتَنزِلَ الرَّحمةُ فيه والملائكةُ، ويَنْفِرَ الشَّيطانُ منه.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على صَلاةِ النَّوافِلِ والتَّطوُّعِ في البُيوتِ.
وفيه: أنَّ اتِّباعَ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ فيه مِن الفضْلِ والأجْرِ الكثيرِ.