باب ما جاء في الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مالك، أن ابن عمر، صلى بجمع فجمع بين الصلاتين بإقامة، وقال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا في هذا المكان»،
كان الصَّحابةُ يتَحرَّوْن اتِّباعَ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بأدَقِّ تَفاصيلِها، ومِن أشهرِ مَن عُرِفَ بذلك ابنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ عبدُ اللهِ بنُ مالكٍ: "أنَّ ابنَ عُمرَ صلَّى بِجَمْعٍ"، أي: بالمزدَلِفةِ، "فجمَع بينَ الصَّلاتينِ"، أي: جمَع بينَ صلاتَيِ المغربِ والعشاءِ مع قَصرِ العِشاءِ ركعتَينِ، "بإقامةٍ"، أي: بإقامةٍ واحدةٍ وليس بإقامةٍ لكلِّ صلاةٍ، وقال: "رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم فعَل مِثلَ هذا"، أي: جمْعَه للصَّلاتين، "في هذا المكانِ"، أي: بالمزدلفةِ، والمراد أنَّ فِعلَه كان سُنَّةً عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.
وظاهرُ هذا الحديثِ أنَّه صلَّى الصَّلاتَينِ بإقامةٍ واحدةٍ، ولكن ثبَت في صحيحِ البخاريِّ، عن ابنِ عمرَ رَضِي اللهُ عَنْهما قال: "جمَع النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بينَ المغرِبِ والعشاءِ بجَمْعٍ كلَّ واحدةٍ مِنهما بإقامةٍ، ولم يُسبِّحْ بينَهما، ولا على إثْرِ كلِّ واحدةٍ مِنهما"؛ فقيل: إنَّ الصَّوابَ والمرجَّحَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جعَل لكُلِّ صلاةٍ إقامةً كما في صَحيحِ البُخاريِّ، وقيل: إنَّما يَكونُ بإقامتَينِ عندَ الفَصْلِ بينَ الصَّلاتَينِ بأَكْلٍ أو نحوِه، وأمَّا بغَيرِ ذلك فيَكونُ بإقامةٍ واحدةٍ.