‌‌باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم

حدثنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم» وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وعائشة، وابن حديدة، وأم سلمة: حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي هذا الحديث، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروي عن أبي سلمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: حديث أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن شيء في هذا الباب وأصح
‌‌

الرِّشْوةُ هي ما يُعْطى ويُبذَلُ لإبطالِ حقٍّ، أو لإحقاقِ باطلٍ؛ وقد نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عنها وحذَّر منها تحذيرًا شديدًا، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ أبو هريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "لعَن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: دَعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالطَّردِ مِن رَحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ على مَن يَفعَلُ هذه الأفعالَ، وهذا يدلُّ على أنَّها مِن كَبائِرِ الذُّنوبِ، "الرَّاشيَ"، أي: الدَّافعَ للرِّشْوةِ، "والمرتشِيَ"، أي: الآخِذَ للرِّشْوةِ وقابِضَها، "في الحُكمِ"، أي: الَّتي يأخُذُها الحُكَّامُ وأولياءُ الأمرِ لِقَضاءِ أمرٍ وإتمامِه على خِلافِ ما يَجِبُ أن يكونَ.
ورُوِيَ "والرَّائِشَ"، وهو الَّذي يَمْشي بينَ الرَّاشي والمرتشِي كواسطةٍ، وهذا كلُّه على وَجهِ العُمومِ في التَّحريمِ.
وقيل: ولا يَدْخُلُ في اللَّعنِ مَن رَشَا لِيَصِلَ إلى حَقِّه الممنوعِ عنه، إذا اضْطُرَّ إلى ذلك، وأمَّا المُرْتَشِي منه لِيُوصِلَه إلى حَقِّه، فهو داخلٌ في اللَّعنِ؛ لأنَّه يَأخُذُ العَطاءَ بلا حقٍّ له فيه؛ ليُوصِلَ الحقَّ لأصحابِه مع أنَّه مأمورٌ شرعًا بإيصالِ الحقوقِ لأصحابِها.
وقيل: إنَّ الآخِذَ إذا أخَذ لِيَسعى في نَوالِ صاحِبِ الحقِّ لحَقِّه فلا بأسَ به، لكن هذا يَنْبغي أن يَكونَ في غيرِ القُضاةِ والوُلاةِ؛ لأنَّ السَّعيَ في إصابةِ الحقِّ إلى مُستَحِقِّه، ودفْعِ الظَّالمِ عن المظلومِ- واجبٌ عليهم، وإلَّا فليسَ لهم الأخذُ عليه.
وفي الحَديثِ: التَّرهيبُ الشَّديدُ مِن أخْذِ الرِّشوةِ ودَفْعِها.