‌‌باب ما جاء في السجدة في النجم

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في السجدة في النجم

حدثنا هارون بن عبد الله البزاز قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا أبي، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها - يعني النجم - والمسلمون والمشركون والجن والإنس» وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي هريرة: «حديث ابن عباس حديث حسن صحيح»، " والعمل على هذا عند بعض أهل العلم: يرون السجود في سورة النجم «،» وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: ليس في المفصل سجدة، وهو قول مالك بن أنس، والقول الأول أصح، وبه يقول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق "
‌‌

كان النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسجُدُ في مَواضعَ مِنَ القُرآنِ الكريمِ عندَ قِراءتِها، وهي المواضِعُ المعروفةُ بسُجودِ التِّلاوةِ، وهي خَمسةَ عشَرَ مَوضعًا علَى المشهورِ، ومِن هذهِ المواضعِ: قولُه تعالَى في سُورةِ النَّجمِ: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62].
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ ابنُ عباسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا قرَأَها في مكَّةَ سجَدَ كلُّ مَنْ سَمِعَها مِنَ المسلمينَ والمشركينَ والجنِّ والإنسِ.

وإخبارُ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رَضيَ اللهُ عنهما بسُجودِ الجنِّ غالبًا ما يكونُ بإخبارٍ مِنَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِأنَّه مِنَ الأُمورِ الَّتي لا يَطَّلعُ عليها الإنسانُ، فكأنَّه أخَذَ ذلك عن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وقِيلَ في سَببِ سُجودِ المشركينَ مع كَونِهم لا يُؤمِنون بالقرآنِ: إنَّها أوَّلُ سَجدةٍ نَزَلتْ، فأرادوا مُعارَضةَ المسلمينَ بِالسَّجدةِ لِمَعبودِهم هم وليس للهِ؛ حيث إنَّ المسلمينَ سَجَدوا للهِ تعالى، فأراد المشرِكون مُخالفتَهم في سُجودِهم للهِ، فسَجَدوا يَقصِدون آلهتَهم، وهذا مُوافقٌ لِما همْ عليه مِن العِنادِ، والتَّكبُّرِ عن الحقِّ، وانتصارِهِم لآلهتِهِم. أو وقَعَ ذلك منهم السُّجودُ بِلا قَصدٍ، وكأنَّ القرآنَ بنَظْمِه وبَلاغتِه أخَذَ بعُقولِهم وقُلوبِهم، فما تَمالَكوا أنفُسَهم فسَجَدوا لَمَّا سَمِعوا: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62]. أو خافوا في ذلك المجلسِ مِن مُخالفتِهم.
وفي القرآنِ خَمسةَ عشَرَ مَوضعًا يُسجَدُ فيها سُجودُ التِّلاوةِ، مُتَّفقٌ على عَشْرٍ منها. ويُقالُ في سُجودِ التِّلاوةِ ما يُشرَعُ قولُه في سُجودِ الصَّلاةِ من التَّسبيحِ والدُّعاءِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ السُّجودِ في سُورةِ (النَّجمِ).