باب ما يقول إذا سلم1
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام "،
راقَبَ الصَّحابةُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في جميعِ حرَكاتِه وسكَناتِه، ومِن أهمِّ العِباداتِ الَّتي حرَصُوا على تعلُّمِها وتعلُّمِ ما يتَعلَّقُ بها هي الصَّلاةُ؛ لقولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "صَلُّوا كما رأيْتُموني أُصلِّي".
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشَةُ رَضِي اللهُ عَنها: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "إذا سلَّمَ"، أي: مِن الصَّلاةِ بعد أنْ يقولَ التَّشهُّدَ، "لا يقعُدُ إلَّا مِقدارَ ما يقولُ: اللَّهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومِنك السَّلامُ، تباركْتَ ذا الجَلالِ والإكْرامِ"، أي: لا يظَلُّ قاعِدًا في موضِعِ صلاتِه إلَّا هذا المقْدارَ القَليلَ مِن الوقْتِ، وقيل: هذا في بعضِ الأحيانِ، وقد قعَدَ وقْتًا أكثَرَ مِن هذا في مرَّاتٍ أُخرَى، وقيل: المرادُ أنَّ هذا القَدْرَ يكونُ على هيْئتِه الَّتي كان بها، وهو يقولُ التَّشهُّدَ مستقبِلًا للقِبلَةِ، ثمَّ بعدَها يُقبِلُ بوَجْهِه على النَّاسِ فيقولُ: "اللَّهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومِنك السَّلامُ"؛ هو ثَناءٌ على اللهِ، ومَعنى "السَّلامُ"، أي: السَّالِمُ مِن كلِّ نقْصٍ وعيْبٍ؛ فهو سُبحانَه وتعالى سالِمٌ مِن مُشابهَةِ خَلْقِه، ومِن كلِّ ما يُنافِي كمالَه، ومنه سُبحانَه إنْزالُ السَّلامِ والأمْنِ على الدُّنيا، "تبارَكْتَ"، أي: تعاظَمْتَ وعلَوْتَ كلَّ أحَدٍ، "ذا الجَلالِ"، أي: يا صاحِبَ صِفاتِ الكِبرياءِ والعظَمَةِ المطلَقةِ، "والإكرَامِ"، أي: كثُرَ إحْسانُك إلى خَلْقِك، واستحَقَّتْ لك العِبادةُ حُبًّا وذُلًّا لك وحدَك.