باب ومن سورة ويل للمطففين1
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله» {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [المطففين: 14]. «هذا حديث حسن صحيح»
كثرةُ الذُّنوبِ تُقسِّي القلبَ، والمعاصي لا تَزالُ تدَعُ في القَلبِ نُكَتًا سَوداءَ حتَّى يتَحوَّلَ القلبُ مِن كَثرةِ الذُّنوبِ والمعاصي إلى السَّوادِ الخالِصِ، ويَعلوه الرَّانُ، كما يُبيِّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ذلك في هذا الحديثِ بقوله: "إنَّ العبدَ إذا أخطَأ خطيئةً نُكِتَت في قلبِه نُكتةٌ سوداءُ"، أي: إنَّ العَبْدَ إذا أذنَب ذَنبًا أو أصاب خَطيئةً أو ارتكَب مَعصيةً؛ فإنَّ ذلك الذَّنبَ يَترُكُ في قَلبِه نُقطةً سوداءَ مِن أثَرِ المعصيةِ، "فإذا هو نزَعَ واستَغفَر وتاب سُقِل قلبُه"، أي: فإذا أقلَع العبدُ عن المعصيةِ وترَك الذَّنبَ واستغفَر ربَّه عمَّا بدَر منه؛ فإنَّ اللهَ يجلي قَلبَه ويُنظِّفُه ويُطهِّرُه مِن تلك النُّقطةِ السَّوداءِ الَّتي لَحِقَت بقلبِه بسببِ المعصيةِ، "وإن عاد زِيدَ فيها حتَّى تَعلُوَ قلبَه"، أي: وإن ارتكَب العبدُ ذنبًا آخَرَ نُقِطَت نقطةٌ أخرى سوداءُ في قلبِه، ولا يَزالُ العبدُ يَعصي اللهَ ويَرتَكِبُ الذُّنوبَ حتَّى يَصيرَ قلبُه كلُّه أسودَ مِن أثَرِ كثرةِ الذُّنوبِ والمعاصي، "وهو الرَّانُ الَّذي ذكَر اللهُ"، أي: وهو الصَّدَأُ والغِشاوةُ الَّتي تَعْلو القلبَ، والَّتي ذكَرها اللهُ في قولِه تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]، أي: تَراكَمَت على قُلوبِهم الغِشاوةُ والصَّدأُ مِن كثرةِ ذنوبِهم ومَعاصيهم.
وفي الحديثِ: أثرُ الذُّنوبِ والمعاصِي على القلوبِ، وأنَّ كثرةَ الذُّنوبِ والمعاصي تُحوِّلُ القلبَ إلى السَّوادِ الخالِصِ.
وفيه: أنَّ التَّوبةَ تُطهِّرُ القلبَ وتَجْلوه مِن أثرِ الذُّنوبِ والمعاصي.