باب ومن سورة ويل للمطففين2
سنن الترمذى
حدثنا يحيى بن درست البصري قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: حماد: هو عندنا مرفوع، {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: 6] قال: «يقومون في الرشح إلى أنصاف آذانهم»
يَومُ القِيامةِ يَومٌ شَديدٌ عَظيمٌ، وأهوالُه ومَواقِفُه مُتَعدِّدةٌ؛ مِنَ الحَشرِ، وانتِظارِ الحِسابِ، والمُرورِ على الصِّراطِ، ومِن أوائِلِ تلك المَواقِفِ أنْ يَجمَعَ اللهُ الخَلائِقَ في ذلك المَحشَرِ العَظيمِ، فيَشتَدَّ الكَربُ.
وفي هذا الحديثِ يَصِفُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صُوَرًا مِن صُوَرِ يومِ القيامةِ بأهوالِه وشدائِدِه؛ فيَذكُرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَولَ اللهِ تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6]، والمعنى: يومَ يَقومون مِن قُبورِهم -وهو يومُ القيامةِ- لرَبِّ العالَمين خاضِعينَ للمَعبودِ الحَقِّ الذي خلَقَهم. وفي هذا اليومِ يُحشَرُ النَّاسُ مِن قُبورِهم إلى أرضِ المَحشَرِ، فيُجْمَعون في صَعيدٍ واحدٍ؛ لانتِظارِ مُحاسبتِهم في يومٍ عظيمٍ، ويتعَرَّقون، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «حتَّى يَغيبَ أحدُهم في رَشْحِه»، أي: عَرَقِه، حتَّى يَصِل العَرَقُ إلى أنصافِ أُذُنَيه.
وقدْ جاء في صَحيحِ مُسلمٍ أنَّ الشَّمسَ يومَ القيامةِ تَدْنو مِن الخَلقِ، حتَّى تكونَ منهم كمِقدارِ مِيلٍ، فيكونَ النَّاسُ على قدْرِ أعمالِهم في العَرقِ؛ فمِنهم مَن يكونُ إلى كَعْبَيهِ، ومِنهم مَن يكونُ إلى حَقْويهِ، ومِنهم مَن يُلْجِمُه العَرَقُ إلجامًا.