باب ما جاء في الشفاعة5
سنن الترمذى
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، قال: كنت مع رهط بإيلياء فقال رجل منهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم»، قيل: يا رسول الله سواك؟ قال: «سواي». فلما قام قلت: من هذا؟ قالوا: هذا ابن أبي الجذعاء: هذا حديث حسن صحيح غريب، وابن أبي الجذعاء هو: عبد الله، وإنما يعرف له هذا الحديث الواحد
الشفاعةُ أنواعٌ كثيرةٌ؛ فالشَّفاعةُ الكُبْرى هي شَفاعتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأُمَّتِهِ، وهناك مَنْ يَشْفَعُ في أهْلِهِ، وهناك مَنْ يَشْفَعُ لعُمومِ النَّاسِ، وكلُّ ذلك بعدَ إذنِ اللهِ تعالى ورِضاه سُبحانَه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يَدخُلُ الجَنَّةَ بشفاعةِ رَجُلٍ"، أي: سوف يَشْفَعُ رَجُلٌ يومَ القيامةِ في أُناسٍ فيُدْخِلهم اللهُ الجَنَّةَ، "مِنْ أُمَّتي"، أي: مِنْ أُمَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ المسلمينَ، "أَكْثَرُ مِنْ بني تَميمٍ"، أي: عَدَدُ هؤلاءِ الذين سوف يَشْفَعُ لهم هذا الرَّجُلُ سيكونُ أَكْثَرَ مِنْ عددِ قبيلةِ بني تَميمٍ، وبنو تَميمٍ قبيلةٌ كبيرةٌ مِنَ العَرَبِ، "قيل: يا رسولَ اللِه، سِواكَ؟"، أي: سأل أَحَدُ الحاضرينَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ هل هذا الرَّجُلُ الذي سيَشْفَعُ رَجُلٌ غَيْرُكَ أَمْ تَقْصِدُ نَفْسَكَ؟ "قال: سواي"، أي: بل رَجُلٌ آخَرَ غيري سيَشْفَعُ في أُمَّتي، وقيل: هذا الرَّجُلُ الذي سيَشْفَعُ هو عُثْمانُ بنُ عفَّانَ، وقيل أويسٌ القَرنيُّ، ولم يُصرِّحْ بتَعيينِهِ على التَّحديدِ.
قال: "فلمَّا قام قلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: هذا ابنُ أبي الجذعاءِ" قائلُ تِلْكَ الجملةِ هو التَّابعيُّ الجليلُ عبدُ اللهِ بنُ شَقيقٍ راوي الحديثِ، وابنُ أبي الجذعاءِ هو الصَّحابيُّ الجليلُ عبدُ اللهِ بنُ أبي الجذعاءِ، والمقصودُ: أنَّ عَبْدَ اللهِ بنُ شَقيقٍ سأل أصحابَه عن هذا الرَّجُلِ الذي روَى الحديثَ ثُمَّ قام ولم يَكُنْ يَعْرِفُه، فقالوا له: إنَّه ابنُ أبي الجذعاءِ.
وفي الحديث: بيانُ شفاعةِ أُناسٍ مِنْ أُمَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.