باب ما جاء في العلامة في القبر
سنن ابن ماجه
حدثنا العباس بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أيوب أبو هريرة الواسطي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن كثير بن زيد، عن زينب بنت نبيط
عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم قبر عثمان بن مظعون بصخرة (2).
في هذا الحديثِ بيانٌ لِما يُوضَعُ عِنْدَ القَبْرِ مِنْ عَلامةٍ يُعْرَفُ بها، وفيه يَقولُ المُطَّلِبُ بنُ وَدَاعةَ: "لَمَّا مات عُثمانُ بنُ مَظْعونٍ أُخْرِجَ بجِنازتِه فدُفِن، أَمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا أنْ يأتيَهُ بحَجَرٍ" كبيرٍ، "فلَمْ يَسْتطِعِ الرَّجُلُ حَمْلَهُ" أي: لم يَستطِعْ حمْلَ الحَجرِ وَحْدَه، "فقام إليها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وحَسَر" يعني: كَشَف الثَّوبَ "عَنْ ذراعَيهِ.
قال كَثيرٌ: قال المُطَّلِبُ: قال الذي يُخْبِرُني ذلك عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: كأنِّي أَنْظُرُ إلى بَياضِ ذِرَاعَي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين حَسَرَ عنهما"، أي: الذِّراعينِ "ثُمَّ حَمَلَها فوَضَعَها"، يَعْني الصَّخْرةَ عِنْدَ رأسِ قَبْرِ عُثمانَ بنَ مَظْعونٍ، وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أَتَعَلَّمُ وأَتَعَرَّفُ بها قَبْرَ أخي"، يعني عُثمانَ بنَ مْظعونٍ، وسَمَّاهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخًا تشريفًا له؛ وقيل: لقَرابةٍ بينَهما؛ لأنَّهُ كان قُرَشيًّا، وقيل: لأنَّه كان أخَا النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الرَّضاعةِ، "وأَدْفِنَ إليه"، يَعْني: يَدْفِنُ حولَهُ مَنْ مات مِنْ أهلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ المدينةَ يَبْحَثُ لأصحابِه عن مَقبُرةٍ، ثمَّ قال: أُمِرْتُ ببَقِيعِ الغَرْقَدِ، وكان عثمانُ بنُ مَظْعونٍ أوَّلَ مَنْ دُفِنَ فيها؛ ولذلك جَعَلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الصَّخْرةَ علامةً عليه، وقال: هذا فرَطُنا، ثمَّ كان يَأمُرُ بأنْ يُدْفَنَ مَنْ مات مِن المهاجِرينَ بجِوارِ قَبْرِ عُثْمانَ بنِ مَظْعونٍ.
وفي الحَديثِ: بيانٌ لتَواضُعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقوَّتِه في حَمْلِ الصَّخْرةِ.