‌‌باب ما جاء في الغدر

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الغدر

حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني أبو الفيض، قال: سمعت سليم بن عامر، يقول: كان بين معاوية وبين أهل الروم عهد، وكان يسير في بلادهم، حتى إذا انقضى العهد أغار عليهم، فإذا رجل على دابة أو على فرس، وهو يقول: الله أكبر، وفاء لا غدر، وإذا هو عمرو بن عبسة، فسأله معاوية عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عهدا، ولا يشدنه حتى يمضي أمده أو ينبذ إليهم على سواء»، قال: فرجع معاوية بالناس: هذا حديث حسن صحيح
‌‌

جاءَ الإسلامُ بحِفْظِ العُهودِ والمَواثيقِ، واهتمَّ بالوفاءِ بالعُقودِ، وحثَّ المسلِمينَ على الالْتِزامِ بِها، وجَعَل نَقْضَها مِنَ الغَدرِ، ومِن إحْدَى صِفاتِ المُنافِقِين.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن كان بَينَه وبينَ قومٍ"، أي: مِن الكفَّارِ، "عهدٌ"، أي: عَقدٌ ومِيثاقٌ، "فلا يَشُدَّ عُقْدةً ولا يَحُلَّها"، وهذا كِنايةٌ عَن حِفْظِ العَهْدِ والميثاقِ وعَدَمِ التَّعرُّضِ له بَنقُضِه أو إخلافِه؛ فلا بدَّ مِن حِفظِ العهودِ والمواثيق، "حتَّى يَنقضِيَ أمَدُها"، أي: تَنقضِيَ مدَّةُ العَقدِ ويَصِلَ إلى غايَتِه ونِهايتِه، "أو يَنْبِذَ إليهم عَلى سَواءٍ"، أي: يُعْلِمَهم أنَّ الصُّلْحَ قد ارتَفَع وانتَقَض، وأنَّه يُريدُ أن يَغزُوَهم، فيَكونُ الفَريقانِ في العِلْمِ على سَواءٍ.