‌‌باب ما جاء في جر ذيول النساء1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في جر ذيول النساء1

حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة»، فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: «يرخين شبرا»، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: «فيرخينه ذراعا، لا يزدن عليه»، هذا حديث حسن صحيح
‌‌

الكِبْرُ والخُيلاءُ من الذُّنوبِ العَظيمةِ، وقد حَذَّرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن سُوءِ عَاقِبةِ ذَلكَ، وبيَّنَ لِأُمَّتِه ما يَقعُ فيه الكِبرُ حتى يَجْتَنِبوا ذلك ويَتَّقُوه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن جَرَّ ثوبَهُ خُيلاءَ"، أي: أطال إزارَه أو قَميصَه إلى ما بعدَ الكَعبينِ بقصْدِ الكِبْرِ، "لم ينظُرِ اللهُ إليهِ يومَ القِيامةِ" المقصودُ بالنظرِ هنا نظرٌ خاصٌّ، وهو نظرُ الرَّحمةِ.
"فقالت أمُّ سَلمةَ زَوجُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فكيفَ يصنَعُ النِّساءُ بذِيُولِهنَّ؟" أي: وما حُكْمُ إسبالِ النِّساءِ وإطالةِ أثوابِهنَّ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يُرخينَ شِبْرًا"، أي: يكونُ إطالتُه إلى ما بعدَ الكعبَينِ بمِقْدارِ الشِّبرِ، فقالت أمُّ سَلمةَ رضِيَ اللهُ عنها: "إذنْ تنكشِفَ أقدامُهنَّ"، أي: أنَّ هذا المِقْدارَ لا يستُرُ أقدامَهنَّ سَتْرًا كاملًا، بلْ تنكشِفُ الأقدامُ عند مشْيِهنَّ، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فيُرخينَهُ ذِراعًا، لا يَزِدنَ عليهِ"، أي: على قدْرِ الذِّارعِ، وذلك لسَتْرِ أعقابِ النِّساءِ وعدَمِ تكشُّفِهنَّ، والمُرادُ به الذِّراعُ الشَّرعيُّ؛ إذْ هو أقصَرُ من العُرفيِّ، وقد بُيِّنَ قدْرُه في روايةِ أبي داودَ: "رخَّصَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّهاتِ المُؤمنينَ شِبْرًا، ثمَّ استزَدْنَهُ، فزادهنَّ شِبْرًا، فكُنَّ يُرسِلْنَ إلينا، فنَذْرَعُ لهنَّ ذِراعًا"، فأفادتْ هذه الرِّوايةُ أنْ قدْرَ الذِّراعِ المأذونِ شِبْرانِ بشِبْرِ اليدِ المُعتدِلةِ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن إسبالِ الثِّيابِ إلى الأرضِ للرِّجالِ.
وفيه: أمْرُ النِّساءِ بسَتْرِ أقدامِهنَّ.