‌‌باب ما جاء في المرأة تحيض بعد الإفاضة1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في المرأة تحيض بعد الإفاضة1

حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن صفية بنت حيي حاضت في أيام منى، فقال: «أحابستنا هي؟»، قالوا: إنها قد أفاضت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلا إذا» وفي الباب عن ابن عمر، وابن عباس.: حديث عائشة حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم أن المرأة إذا طافت طواف الزيارة ثم حاضت، فإنها تنفر وليس عليها شيء، وهو قول الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق
‌‌

طَوافُ الإفاضَةِ رُكنٌ مِن أركانِ الحَجِّ، والطَّهارةُ شَرْطٌ لصِحَّةِ الطَّوافِ؛ فإذا حاضتِ المرأةُ قبْلَ أنْ تَطوفَ طوافَ الإفاضةِ،  فلا تَنفِرُ حتَّى تَطهُرَ ثمَّ تَطوفَ طوافَ الإفاضةِ، وهذا بخِلافِ طوافِ الوداعِ فإنَّه يَسقُطُ عنها، كما يُبيِّنُه هذا الحَديثُ، وفيه تَروي أمُّ المؤمنِينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه لَمَّا حَجُّوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَجَّةَ الوداعِ، طافوا طوافَ الإفاضةِ يومَ النَّحرِ، وهو اليومُ العاشرُ مِن ذي الحجَّةِ، ثمَّ حاضتْ أُمُّ المؤمنينَ صَفيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عنها بعدَ أداءِ طَوافِ الإفاضةِ، فأرادَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منها ما يُريدُ الرَّجُلُ مِن أهلِه، وهذا كِنايةٌ عن إرادةِ الجِماعِ، وذلك بعْدَ أنِ استَأذَنَتْ نِساؤُه في طَوافِ الإفاضةِ، وأذِنَ لهنَّ، فظَنَّ أنَّها قدْ طافتْ معهنَّ وحَلَّت التحلُّلَ الثَّاني الذي يُباحُ بعْدَه أنْ يَأتيَ الرجُلُ أهْلَه، فلمَّا قِيل له: إنَّها حائضٌ، ظنَّ أنْ يكونَ قد حاضَتْ قَبلَ ذلك حتَّى مَنعَها مِن طَوافِ الإفاضةِ، فاستَفْهَم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك قائلًا: أحَابِسَتُنا هي؟ يَعنِي: هل نَضطرُّ إلى المُكثِ حتَّى تَطهُرَ وتَطوفَ طَوافَ الإفاضةِ؟ فقيل له: إنَّ صَفيَّةَ طافتْ طَوافَ الإفاضَةِ، أو أَعْلَمَتْه عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها طافتْ معهنَّ، فلمَّا عَلِمَ ذلك زالَ عنه ما خَشِيَه مِن المُكْثِ حتى تَطهُرَ صَفيَّةُ لتَأتِيَ بطَوافِ الإفاضَةِ، وأَذِنَ لهم في الرَّحيلِ، ورَخَّصَ لأمِّ المؤمنينَ صَفيَّةَ رَضيَ اللهُ عنها في تَرْكِ طَوافِ الوَداعِ.