باب ما جاء في بدء شأن المنبر 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، حدثنا بهز بن أسد (1)، حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار
عن ابن عباس؛ وعن ثابت، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر ذهب إلى المنبر، فحن الجذع فأتاه فاحتضنه فسكن، فقال: "لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة" (2).
هذا الحَديثُ يَشتمِلُ على عَلامةٍ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ مِن إحساسِ الجَماداتِ به، ومَعرفتِها له، وفيه يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه كان يُوجَدُ في المسجِدِ النَّبويِّ جِذْعٌ، وهو أصلُ نَخْلةٍ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أراد أنْ يَخطُبَ اعتمَدَ على هذا الجِذعِ؛ لِيَراه النَّاسُ كلُّهم.فلَمَّا وُضِع له المِنْبرُ حَزِنَ الجِذعُ، فخلَقَ اللهُ في الجِذعِ حَياةً كحَياةِ الحيوانِ، فسُمِعَ منه كصَوتِ العِشارِ، وهي النَّاقةُ الحاملُ الَّتي مرَّ على حَمْلِها عَشَرةُ أشهُرٍ، فحَنَّ الجِذعُ لفِراقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم يكُفَّ حتَّى نزَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ووضَعَ عليه يَدَه.
وفي الحديثِ: أنَّ الخُطبةَ تكونُ على المِنبرِ؛ لأنَّه أبلَغُ في الإعلامِ، وأعظَمُ في الوَقْعِ.