باب ما جاء في تخليل اللحية
عن عثمان بن عفان، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته». هذا حديث حسن صحيح
لَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صِفةَ الوُضوءِ قَولًا وعَمَلًا، وبيَّنَ فَرائِضَهُ وسُنَنَهُ وآدابَهُ، ونقَلَ الصَّحابةُ الكِرامُ رِضْوانُ اللهِ عليهم كُلَّ ذلِكَ كما في هذا الحَديثِ؛ حيث يَرْوي التَّابعيُّ أبو وائِلٍ شَقيقُ بنُ سَلَمةَ، فيقولُ: "رَأيتُ عُثْمانَ بنَ عفَّانَ يَتوضَّأُ فغَسَلَ يَدَيهِ ثَلاثًا"، فبدَأَ الوُضوءَ بغَسلِ كَفَّيهِ ويَدَيهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ، "وغسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا" بمَلءِ كَفَّيهِ بالماءِ ثَلاثَ مرَّاتٍ، "ومَضْمَضَ ثَلاثًا" والمَضْمَضةُ: تَحريكُ الماءِ في الفَمِ وإدارتُه فيه، ثمَّ إلقاؤُهُ، "واستَنْشَقَ ثَلاثًا"، والاستِنْشاقُ: إيصالُ الماءِ إلى أعْلى الأنْفِ والخياشيمِ؛ تنظيفًا لِمَا يجتمِعُ في داخلِها، "وغسَلَ ذِراعَيهِ ثَلاثًا" فغسَلَ كُلَّ ذِراعٍ منهما ثَلاثَ مرَّاتٍ مع البَدءِ باليُمْنى، "ومسَحَ برَأسِهِ وأُذُنيهِ ظاهِرَهما وباطِنَهما" أدخَلَ إصبَعَيهِ في أُذُنيهِ لِتَنظيفِهِما، ثُمَّ مسَحَ خَلْفَ أُذُنيهِ بإِصبَعَيهِ "ثُمَّ غسَلَ قَدَميهِ ثَلاثًا" بأنْ صَبَّ الماءَ قليلًا قليلًا حتَّى غسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنى ثَلاثَ مرَّاتٍ، ثُمَّ غرَفَ غَرْفةً، فغسَلَ رِجْلَهُ اليُسْرى ثَلاثَ مرَّاتٍ "ثُمَّ خلَّلَ أصابِعَهُ، وخلَّلَ لِحيَتَهُ ثَلاثًا حين غسَلَ وَجْهَهُ"، والتَّخْليلُ هو إدْخالُ الماءِ بيْنَ أصابِعِ اليَدَينِ والرِّجْلَينِ، أو بيْنَ شَعرِ اللِّحْيةِ بفَرْكِ شَعَرِ لِحيتِهِ بأصابعِهِ حتَّى يَصِلَ الماءُ إلى أُصولِ الشَّعَرِ ومَنابَتِهِ، والمُرادُ بالتَّخْليلِ: إيصالُ الماءِ بقَصدِ إلى المِنطَقةِ الَّتي ربَّما لا يَصِلُها الماءُ، "ثُمَّ قالَ: رَأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعَلَ كالَّذي رَأيتُموني فَعَلتُ"، فيكونُ بذلِكَ قد علَّمَ النَّاسَ سُنَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الوُضوءِ مع التَّثْليثِ في غَسلِ الأعْضاءِ، وهذا من حِرصِ الصَّحابةِ رِضْوانُ اللهِ عليهم على نَقْلِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ للنَّاسِ وتَعْليمِهِم أُمورَ الدِّينِ .