‌‌باب ما جاء في تسوية القبور

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في تسوية القبور

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، أن عليا قال لأبي الهياج الأسدي: أبعثك على ما بعثني به النبي صلى الله عليه وسلم «أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته » وفي الباب عن جابر.: «حديث علي حديث حسن»، «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يكرهون أن يرفع القبر فوق الأرض». قال الشافعي: «أكره أن يرفع القبر إلا بقدر ما يعرف أنه قبر لكيلا يوطأ ولا يجلس عليه»
‌‌

ان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ سلَّم حَريصًا عَلى إزالةِ كُلِّ ما يَدُلُّ عَلى آثارِ الجاهليَّةِ، ومِن تلك الآثارِ حِرصُهم على تَعظيمِ التَّصاويرِ والأمواتِ والقبورِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ أبو الهَيَّاجِ الأَسديُّ أنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه قال له: أَلا أُرسِلُك للأَمرِ الَّذي أَرسَلني لَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وأَجعَلُك أَميرًا عَلى ذلكَ، كما أمَّرني عليه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؟ وقدْ أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم علِيًّا بألَّا يَترُكَ «تِمثالًا»، والمُرادُ صُورةٌ ذاتُ رُوحٍ، إلَّا مَحاهُ وأَبطَلَه بقَطعِ رَأسِه وتَغييرِ وَجهِه ونَحوِ ذلكَ، وأَلَّا يَترُكَ قبْرًا مُرتفِعًا إلَّا سوَّاه بالأرضِ وجَعَلَه مِثلَ الَّذي حَوْلَه، أو مَعنى التَّسويةِ: أنْ يَجعَلَه سَوِيًّا مُوافِقًا للشَّريعةِ، أو معنى التَّسويةِ هو التَّسطيحُ، لا يُرفَعُ على الأرضِ رفعًا كثيرًا، بل يُرفَعُ نحْوَ شِبرٍ، ويُسطَّحُ، أو يُسنَّمُ، وهو الأَولى؛ فالمُرادُ القَبرُ الَّذي بُنِيَ عليهِ حتَّى ارتفَعَ دونَ الَّذي أُعلِمَ عليهِ بالرَّملِ والحَصا والحَجرِ ليُعرَفَ، فَلا يُوطأَ أو يُجلَسَ عليه، وَلا فائدةَ في البِناءِ عليهِ، فلِذلكَ نُهِيَ عنهُ.
وفي الحديثِ: الأَمرُ بإِزالةِ التَّماثيلِ والأَصنامِ.
وفيهِ: الأَمرُ بتَسويةِ القُبورِ المُرتفعةِ.
وفيه: إزالةُ المنكَرِ باليَدِ لمَن له سُلطةٌ أو قُدرةٌ على ذلك.