باب ومن سورة الأنفال3
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل لم يسمه، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} [الأنفال: 60] قال: «ألا إن القوة الرمي - ثلاث مرات - ألا إن الله سيفتح لكم الأرض، وستكفون المؤنة، فلا يعجزن أحدكم أن يلهو بأسهمه». وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن عقبة بن عامر، وحديث وكيع أصح، وصالح بن كيسان لم يدرك عقبة بن عامر وقد أدرك ابن عمر
الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ مِن كَمالِ الإيمانِ وتَمامِه، وبالجهادِ تَرتفِعُ كَلمةُ اللهِ ويُنشَرُ دِينُه، ومِن الجهادِ أنْ يَستعِدَّ المسْلمُ له في كلِّ حالٍ وفي أيِّ وَقتٍ إذا دَعَت إليه الضَّرورةُ، ومِن ذلك تَعلُّمُ أساليبِ القتالِ، مِثلُ الرَّميِ وما يُشابِهُه، والمُداومَةُ عليه في وَقتِ السِّلمِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ستُفتَحُ على المسْلِمين أَرَضونَ (جمع أرض) مِن أراضي العدُوِّ ويَغلِبون الكفَّارَ عليها ويَأخُذونها، وعِندَها يأمَنُ المسلمون ويُكْفَوْنَ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ ويَدفَعُ عنهم الأعداءَ بتلكَ الفُتوحاتِ، وهذا مِن دَلائلِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقدْ وَقَع ما أخبَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقدْ حذَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا حَدَث ذلك أن يَترُكَ النَّاسُ الرَّميَ بالسِّهامِ والنِّبالِ وأساليبِ القتالِ، فيَنْسَوه، بلْ عليهم أنْ يَتَدَرَّبوا دائمًا عليه ولو على سَبيلِ اللَّهوِ والمُسابقَةِ عليه؛ ففيه حضٌّ على تَعلُّمِ الرَّميِ والتَّحذيرُ من نِسيانِه، فإن لم يَكُنْ مُحتاجًا إليه في وقتِه الحالي فَقدْ يحتاجُ إليه بَعدَ ذلك، فيَكونُ على أُهبَةِ الاستِعدادِ لِمُجابَهةِ الأعداءِ ورَدِّ كيدِهم، وإِحداثِ النِّكايَةِ بهم، وإنَّما قال: «يَلهو بأَسْهُمِه» تَشجيعًا للنُّفوسِ على تَعلُّمِ الرَّميِ والمُداومَةِ عليه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تَعلُّمِ الرَّميِ، والمهارةِ فيه.
وفيه: اللَّعِبُ بالسِّلاحِ، وما يُشبِهُ ذلكَ مِن إجراءِ الخيلِ؛ إذْ في كلِّ ذلكَ التَّمرُّنُ، والاستعدادُ، ومُعاهدةُ الجسمِ، ورِياضةُ الأعضاءِ بها.