باب ما جاء في تغيير الأسماء1
سنن الترمذى
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبو بكر محمد بن بشار وغير واحد، قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: «أنت جميلة»: «هذا حديث حسن غريب، وإنما أسنده يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر» وروى بعضهم هذا عن عبيد الله، عن نافع، أن عمر، «مرسلا» وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن سلام، وعبد الله بن مطيع، وعائشة، والحكم بن سعيد، ومسلم، وأسامة بن أخدري، وشريح بن هانئ، عن أبيه، وخيثمة بن عبد الرحمن، عن أبيه
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُغيِّرُ بعضَ الأسماءِ الموروثةِ مِن الجاهليَّةِ؛ لِيُصحِّحَ المفاهيمَ، ويُبعِدَ العُقولَ والقُلوبَ عن ارتباطِها بأسماءٍ تَحمِلُ صِفاتٍ ربَّما يكونُ فيها مُخالَفةٌ شَرعيَّةٌ، أو مُرتبِطةٍ باعتقاداتٍ فاسدةٍ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غيَّر اسمَ امرأةٍ كان اسْمُها عَاصِيَةَ، وكانوا يُسمُّون بالعاصِ والعاصِيَةِ؛ بمعنى الإباءِ والرَّفضِ لقَبولِ النَّقائصِ والرِّضا بالعَيْبِ والنَّقْصِ، فلمَّا جاء الإسلامُ نُهوا عنه، فغَيَّر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسمَها إلى جَمِيلَةَ؛ قِيل: إنَّما غيَّره لأنَّ شِعارَ المؤمنِ الطاعةُ، والعِصيانُ ضِدُّها، ولعلَّه لم يُسمِّها مُطِيعَةَ مع أنَّها ضِدُّ العاصِيَةِ؛ مَخافةَ التزكِيَة؛ فقدْ روى مُسلمٌ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى عن التَّسميةِ بِبَرَّةَ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تُزكُّوا أنفُسَكم؛ اللهُ أعلَمُ بأهلِ البِرِّ منكم، فقالوا: بِمَ نُسَمِّيها؟ قال: سَمُّوهَا زَينبَ»، وقد يَنهى عن الاسمِ؛ لِمَا فيه مِن التَّعظيمِ والكِبْرِ؛ كالتَّسميةِ بمالِكِ الأملاكِ كما رَوى مُسلمٌ.
وفي الحديثِ: أنَّ مِن هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تغييرَ الأسماءِ الَّتِي تَنصرِفُ إلى ما يُنفِّرُ القُلوبَ عن صاحِبِ الاسمِ، كعاصِيَةَ ونحوِ هذا، إلى مِثلِ جَمِيلَةَ ونحوِ ذلك.