باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله ﷺ 7
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا همام، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن سفينة
عن أم سلمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: "الصلاة وما ملكت أيمانكم"، فما زال يقولها حتى ما يفيص بها لسانه (2).
كانَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الصَّلاةَ ويُعظِّمُ أمْرَها ويُوصِي بها، كما أنَّه أوْصى المُسلِمينَ بِالرِّفقِ مع ما تحتَ أيديهم من الرَّقيقِ وغيرهم، وأداءِ حُقوقِ اللهِ الواجِبةِ عليهم.
وفي هذا الحديث يُخبِرُ عَليُّ بْنُ أبي طَالِب رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: «كانَ آخِرُ كَلامِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، أي: مِن وَصاياهُ التي أوْصَى بها أصحابَه- رضي الله عنهم- وَكان ذلك في مَرضِ الموتِ، كما في روايَةٍ أخرى عندَ ابن ماجَهْ: «حِينَ حَضَرَتْه الوَفاةُ وهو يُغَرغِرُ بِنفْسِه»، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «الصَّلاةَ الصَّلاةَ»، أي: الْزَمُوا الصَّلاةَ وحافِظوا عليها، واحْذَروا تَركَها، أو عَدَمَ الإتْيانِ بها على وَجْهِها الكامِلِ؛ فَإنَّها أعظَمُ أركانِ الإسلامِ، وأشرَفُ العِباداتِ البَدنِيَّةِ، ولأنَّها مَظِنَّةُ التَّساهُل والإخْلالِ بِها لِتَكرُّرِها في اليَوم خَمسَ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اتَّقوا اللهَ فِيما مَلَكَتْ أَيْمانُكم»، أي: خافوا اللهَ في كُلِّ ما تَملِكُه أيدِيكُم من آدَمِيٍّ وَرقيقٍ أو حَيوانٍ وَأمْوالٍ؛ فاتَّقوا اللهَ فيهم بِحُسْنِ المِلْكة، والقِيامِ بما يَحتاجونَه، وعَدمِ إهْمالِهم، وعَدمِ التَّفريطِ في حَقِّهِم، ولا تُكلِّفوهم مَا لا يُطيقونَه، مع تَعليمِ الآدَميِّينَ منهم ما لا بدَّ لهم منه من أمورِ الدِّينِ والدُّنيا، مع أداء حُقوقِ اللهِ في الأموالِ من الزَّكاة والصَّدَقاتِ. وفي رِوايَةٍ أخْرى لابن ماجَه: «فما زال يَقولُها حتى ما يَفيضُ بها لِسانُه»، أي: ظَلَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُردِّدُ تلك الوَصيَّةَ تَأكيدًا وإسْماعًا لها فيمَنْ حَولَهُ حتى لم يَقدِرْ على أن يَتكَلَّمَ بِبيانٍ وإفْصاحٍ لما به من مَرضٍ وتَعبٍ.
وفي الحديث: الحَثُّ على الاهْتِمامِ بالصَّلاةِ والعِنايةِ بها.
وفيه: الحَثُّ على أداء الحُقوقِ الواجِبةِ على المُسلِم في كلِّ ما يَملِكُه مع الإحْسانِ في ذلك .