باب ما جاء في فضل إطعام الطعام
سنن الترمذى
حدثنا هناد قال: حدثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام» هذا حديث حسن صحيح
كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُربِّي أصحابَه على الفضائلِ والمَكارمِ؛ حتَّى يكونَ المُجتمعُ مُتحابًّا مُتعاوِنًا، كما بيَّنَ أنَّ مَكارمَ الأخلاقِ لها أجْرٌ عظيمٌ عندَ اللهِ، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اعْبُدوا الرَّحمنَ"، أي: وحِّدُوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وخَصَّ صِفةَ الرَّحمنِ؛ تَمهيدًا لِما سيذْكُره من الأُمورِ الَّتي تَستجلِبُ رحمةَ اللهِ وحُسْنَ جَزائِه، فإنَّه لرحمته يستحقُّ أن يُعبَد؛ فإنه المُنعِمِ بأصولِ النِّعمِ وفُروعِها، وجليلِها ودَقيقِها، ولأنَّه اسمٌ يَدُلُّ على الرَّحمةِ المتواصلَةِ في الدُّنيا والآخِرةِ فيَستحقُّ العبادةَ؛ ولأنَّ هذه الأفعالَ فيها صِلةٌ ورَحِمٌ بينَ النَّاسِ، والرحمُ مشتَقَّةٌ مِن الرَّحمنِ؛ وَلذلِكَ كانَ أنْسَبَ أنْ يُذكَرَ.
"وأطْعِموا الطَّعامَ"، أي: قَدِّموا في أعمالِكم إطعامَ النَّاسِ، وأراد به قدْرًا زائدًا على الواجبِ في الزَّكاةِ، سواءٌ فيه الصَّدقةُ والهديةُ والضِّيافةُ؛ لأنَّ إطعامَ الطَّعامِ به قوامُ الأبدانِ، وتَزدادُ فَضيلةُ إطعامِ الطَّعامِ وبذْلِه في الوقتِ الَّذي تَزدادُ الحاجةُ له.
"وأفْشوا السَّلامَ"، أي: أظْهِروه وعُمُّوا به النَّاسَ، ولا تَخصُّوا به أحدًا مثْلَ المعارِفِ أو غيرِهم، والمقصودُ بإفشاءِ السَّلامِ نشْرُه والإكثارُ منه، وهو طريقٌ مُوصِلٌ للمحبَّةِ بين المُسلِمين، والسَّلامُ هو التَّحيةُ المُبارَكةُ في هذه الأُمَّةِ، "تَدْخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ"، أي: تكُنِ الجنَّةُ جَزاءً لمَن فعَلَ هذه الخِصالَ مُخلِصًا فيها للهِ عَزَّ وجَلَّ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على نَشْرِ السَّلامِ تحيَّةً وسُلوكًا بين النَّاسِ، وعلى التَّراحُمِ بين النَّاسِ بفِعْلِ الخِصالِ الحميدةِ، كإطعام الطَّعامِ.