باب ما جاء في كراهية الحرير والديباج
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان قال: حدثني مولى أسماء، عن ابن عمر، قال: سمعت عمر، يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» وفي الباب عن علي، وحذيفة، وأنس وغير واحد وقد ذكرناه في أبواب اللباس. هذا حديث حسن صحيح قد روي من غير وجه عن عمر. ومولى أسماء بنت أبي بكر الصديق اسمه: عبد الله ويكنى أبا عمر. وقد روى عنه عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار
نظَّمَ الشَّرعُ الكريمُ أُمورَ النَّاسِ في كلِّ شَيءٍ، ومِن ذلكَ تَنظيمُه لِأُمورِ المَلْبَسِ؛ فبيَّن ما يَحِلُّ وما لا يَحِلُّ لُبسُه، ففصَّلَ فيما يَجتمِعُ ويَفترَّقُ فيه النِّساءُ والرِّجالُ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن لَبِسَ الحَريرَ الخالِصَ في الدُّنيا لِغيرِ عُذرٍ، حُرِمَ منه يَومَ القيامةِ، وهذا فيه تَحذيرٌ شَديدٌ؛ لأنَّ الحريرَ هو لِباسُ أهلِ الجَنَّة، فكأنَّ مَن لم يَلبَسْه في الآخرةِ فليْس مِن أهلِ الجَنَّةِ؛ إمَّا لِحرمانهِ مِنَ الجنَّةِ إنْ كان مُستحِلًّا لذلك، أو لأنَّه يَدخُلُ الجنَّةَ، ولكنَّه يُحْرَمُ منه فيها.
وتَحريمُ لُبسِ الحريرِ الطَّبيعيِّ مَخصوصٌ بالرِّجالِ دونَ النِّساءِ؛ لِقيامِ دَلائلَ أُخرى ورَدتِ بها الرِّواياتُ الصَّحيحةُ تَدلُّ على جَوازِ لُبْسِ النِّساءِ للحريرِ، وعلى أنَّ الرِّجالَ يُسمَحُ لهم ببَعضِ الحريرِ في الثِّياب بما لا يُجاوِزُ عَرْضُه إصْبَعينِ إلى أربعِ أصابعَ تُتَّخذُ أعْلامًا وحاشيةً للثِّيابِ، كما في الصَّحيحينِ، عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: «نَهى نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن لُبسِ الحريرِ إلَّا مَوضِعَ إصبعينِ، أو ثَلاثٍ، أو أربعٍ».